قائلون بكون الاستثناء تخصيصا لما عرفت من أنّهم قائلون بكون المراد من العامّ هو الباقي ، والاستثناء قرينة له ، وهذا معنى التخصيص.
فعلى هذا يلزم أن يكون مختار الأكثرين في الاستثناء لزوم بقاء الأكثر ، وكون المخرج أقلّ ، وكيف يجتمع هذا (١) مع اختيارهم جواز استثناء الأكثر. وكيف يجمع بين أدلّتهم في المقامين ، وما تحقيق الحال.
والذي يختلج بالبال ، أنّهم قد غفلوا عمّا بنوا عليه الأمر لظاهر هذه الأدلّة (٢).
والتحقيق ما حقّقوه في المبحث السّابق كما اخترناه وشيّدناه.
وأما الجواب عن ذلك الأدلّة ، فيتوقّف على تمهيد مقدّمة ، وهي :
إنّا قد بيّنا لك في أوائل الكتاب أنّ وضع الحقائق شخصيّة ، ووضع المجازات نوعيّة.
ونزيدك هاهنا أنّ الحقيقة والمجاز يعرضان للمركّبات كما يعرضان للمفردات ، ووضع المركّبات قاطبة نوعيّة ، حقيقية كانت أو مجازيّة. والأوضاع النوعيّة إنّما هو للقدر المستفاد من تتبّع كلماتهم من الرّخصة ، فالاستثناء مثلا تركيب وضع بالوضع النوعي للإخراج ، بمعنى أنّه لا يتوقّف على سماع كلّ واحد من أفراده كما يتوقّف في الحقائق المفردة ، والقدر الذي يستفاد من الرّخصة في ذلك النوع إنّما هو المتّبع ، نظير ما بيّناه في العلائق المجازيّة ، ألا ترى إنّهم يحكمون (٣) بأنّ الاستثناء المنقطع مجاز ، فعلم أنّه في المتّصل حقيقة ، وكذلك يحكمون بأنّ
__________________
(١) أي لزوم بقاء الأكثر وكون المخرج أقلّ في الاستثناء على ما هو مختارهم في المبحث السّابق.
(٢) والتي ذكرت هنا أي فيما نحن فيه.
(٣) هذا شاهد لثبوت الوضع الحقيقي في الاستثناء منه.