الاستثناء من النفي إثبات بعنوان الحقيقة لأجل التبادر وبالعكس ، وهكذا. والقدر الذي تيقّن ثبوته من أهل اللّغة هنا هو لزوم الإخراج عن متعدّد في الجملة ، وأمّا أنّه يكفي في ذلك أيّ إخراج يكون ، أم لا بدّ أن يكون على وجه خاصّ من كون المخرج أقلّ من الباقي ، فلا بدّ من إقامة الدّليل عليه وإثبات الرّخصة فيه من جهة أهل اللّغة.
وكما أنّ الحقيقة والمجاز في المفردات يرجع الى النقل والتبادر وعدم صحّة السّلب وأمثالها ، فكذلك في المركّبات كما عرفت في نظرائه (١). ومجرّد الاستعمال لا يثبت الحقيقة كما حقّقناه في محلّه وبيّنّا أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة ، فمجرّد الاستعمال في إخراج الأكثر لا يدلّ على كونه حقيقة فيه ، والمقصود الأصليّ للأصولي هو ذلك (٢) لا مطلق الاستعمال.
فحينئذ نقول : القدر الثابت المتيقّن هو ما لو كان المخرج أقلّ ، وكون ما لو كان المخرج أكثر من الباقي ممّا رخّص فيه من العرب بعنوان الوضع الحقيقي ممنوع. وعدم الثبوت ، دليل على العدم لكون الوضع توقيفيا ، وحينئذ فالصّور المشكوكة مثل ما لو كان المخرج أكثر ، فيمكن كونها من أفراد الحقيقة ، وكونها من أفراد المجاز ، بأن يستعمل الاستثناء فيه بعلاقة مشابهته (٣) أو إدّعاء القلّة فيه للمبالغة في التحقير وإن كان كثيرا ونحو ذلك (٤) ، فلا يثبت كونها (٥) حقيقة ، مع أنّه لا يبعد
__________________
(١) كنظراء الاستثناء او نظراء هذا المقام حيث اشتبه فيه حال الوضع.
(٢) أي اثبات كون الاستعمال حقيقة فيه.
(٣) تشبيه الكثير بالقليل.
(٤) كادعاء الكثرة في المستثنى منه.
(٥) اي الصورة المشكوكة.