عليه من ظواهر الآيات ، مع أنّ ظواهرها ليست بحجّة عند الأخباريين ، ليست إلّا ظنونا ، مع أنّ الظاهر منها اصول الدّين.
سلّمنا ، لكنّها مخصوصة بحال الإمكان ، ودعواهم أنّ الأخبار قطعيّة وأنّهم يعملون بالقطع ، في غاية الوهن ، فإنّ عيان وجوه الاختلال في متنها وسندها ودلالتها وتعارضها الموجبة لعدم الوثوق بها فضلا عن حصول اليقين منها ، يغني عن البيان ، وقد أشرنا إليه سابقا ، وسنشير مع أنّه لا دليل على حجّيتها (١) ، إذ الآيتان (٢) على فرض تسليم دلالتهما فهما من ظواهر القرآن وقد عرفت حالها ، مع أنّ آية النفر ظاهرة في التفقّه ، وآية النبأ معلّلة بما علّل (٣). ولا ريب أنّه إذا وجد ظنّ أقوى من الظنّ الحاصل من خبر الواحد ، لا يجري العلّة فيه.
وأمّا الإجماع فهو لم يثبت على حجّيتها مطلقا وفي جميع الأحوال والأزمان خصوصا فيما كان هناك ظنّ أقوى منه (٤).
لا يقال : ثبوت الإجماع على جواز العمل بها في زمن الصّحابة والتابعين يكفي في ثبوته مطلقا لعدم القول بالفصل.
لأنّا نقول أوّلا : لم نعلم الإجماع على عدم القول بالفصل ، بل بعضهم منعوا عن ثبوت الإجماع إلّا في الصدر الأوّل (٥) فيفرّق بين الزّمانين.
__________________
(١) حجية الأخبار.
(٢) النفر والنبأ.
(٣) فانّ وجوب التبيّن عند مجيء الفاسق بالنباء معلّل بمخافة إصابة القوم بجهالة والوقوع في خلاف الواقع الموجب للوقوع في النّدم.
(٤) أي من الظنّ الحاصل من الأخبار.
(٥) وهو زمان الصّحابة والتابعين.