الاحتياط إعطاؤه بأحدهما دون الآخر (١) أو كان بين يتيمين.
فإن قلت : إنّا لا نتعرّض للمال في العمل ولا نحكم به لأحدهما في الفتوى. قلت : ابقاؤه قد يوجب التّلف فكيف تجترئ بأن تقول : إنّ الله تعالى يرضى عنك بذلك ، وأيّ شيء ذلك ، على أنّ دليل هذا العمل قطعيّ ، وأنّه لا يجوز العمل على مقتضى الظنّ الحاصل للمجتهد ، فترك الفتوى وترك العمل أيضا يحتاج إلى الدّليل ، فلعلّ الله يعذّبك على عدم الاعتناء ، وحرمة العمل بالظنّ لم يثبت من أدلّتها بحيث يوازي الضّرر المظنون في إتلاف مال اليتيم وتعطيل الأمر والتزام العسر والحرج. فلنأت بمثال من جهة التقريب ، فنقول : إنّ المشهور بين أصحابنا أنّ لكلّ من أولاد الابن وأولاد البنت من مال جدّهما نصيب من يتقرّبان به ، فالثلثان لأولاد الابن والثلث لأولاد البنت ، خلافا للسيّد رحمهالله ومن تبعه ، حيث يجعلون الجميع مقام أولاد الجدّ فيقسّمون بينهم للذكر مثل حظّ الأنثيين.
ثمّ المشهور بعد اعتبار الفرق بين أولاد الابن وأولاد البنت يجعلون حصّة كلّ واحد من الفريقين بينهم للذكر مثل حظّ الأنثيين ولا دليل لهم ظاهرا إلّا الشّهرة ، فإن جعلنا الشّهرة حجّة فهو ، وإلّا فلا بدّ أن يوقف المال ويهلك الأيتام من الجوع. والتمسّك بالأخبار الواردة في أنّ كلّ رحم يرث نصيب من يتقرّب به لا يعطى إلّا أنّ لكلّ واحد من الفريقين نصيب والدهم ، ولا يعطى كيفية القسمة بينهم بأنفسهم. والعمل بعموم آية : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ)(٢) كما ذهب إليه السيّد ومن تبعه ، فمع أنّه يوجب الرجوع إلى قول السيّد في الأصل (٣) ، وأنّه في نفسه ممنوع
__________________
(١) أو تنصيفه أو تثليثه مثلا.
(٢) النساء : ١١.
(٣) أصل المسألة حيث إنّ مستند السيّد في جعل أولاد الابن وأولاد البنت مقام أولاد ـ