لكون الأولاد حقيقة في ولد الصّلب إنّما هو ظاهر آية ولا حجّة فيه عندهم ، فلا بدّ للأخباريين هنا من بيان دليل قطعيّ على جواز التوقّف والاحتياط وإرشادهم إيّانا سبيل الاحتياط إذا كان الفريقان كلاهما أيتاما صغارا فقارا لا حيلة لهم في المعيشة إلّا أخذ مالهم.
وبالجملة ، من سلك سبيل الفقه واطّلع على أحكامه وعاشر الناس ولاحظ وقائعهم المختلفة ومقتضياتهم المتناقضة ، وتتبّع الأدلّة ومؤدّاها وتأمّل فيها حقّ التأمّل وميّزها حقّ التميّز ، وعرف الفرق بين زمان المعصوم عليهالسلام وغير زمانه ، يعلم أنّ ما ذكره الأخباريّون محض كلام بلا محصّل.
ولو فرضنا في مسألة قيام الشّهرة في أحد طرفي المسألة وخبر واحد في الطرف الآخر من دون عامل أو مع عامل نادر ، فعلى الأخباريّ أن يثبت أنّ أدلّة حجّية خبر الواحد تشمل مثل هذا المقام ، فلا يجوز العمل بالشّهرة.
فإن قال : لا أقول (١) بنفي العمل ولا بوجوبه ، بل أتوقّف وأحتاط.
فأقول : كيف تصنع فيما لا يمكن ذلك فيه ، بل أقول لك هنا كلاما هو بمنزلة السرّ لمختار العاملين بالظّنون في أمثال ذلك ، وهو : إنّ العاقل البصير لا بدّ أن يلاحظ مضارّ طرفي الفعل والترك في كلّ ما يريد ، ولا يقتصر على أحد الطرفين ، ولذلك أمثلة كثيرة منها : الاجتناب عن مساورة عامّة الناس لكون غالبهم غير محترزين عن النجاسات ، فإنّ الاحتياط عن النجاسة حسن ، لكنّ الاجتناب عن كسر قلوب
__________________
ـ الجدّ ، يعني أنّ أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد. أو الأصل انّ الاستعمال دليل الحقيقة إذا لم يكن هناك قرينة المجازية.
(١) في هذا الفرض.