منسوجات أهل الكفر ، مع أنّ الغالب أنّهم ملاقوها بالرّطوبة. وكما أنّ عدم التنزّه عن النجاسة يوجب الهلاك ، فكذلك أكل الحرام.
وهكذا الكلام في فتوى القصاص ، فربّما يظهر لفقيه لزوم القصاص ويحتاط لأجل التحرّز عن الدّخول في أحكام الدّماء وينسى عمّا ذكره الله في كتابه أنّ : (فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ،) وعن النظر إلى حال أولياء الدّم ، مع ما بهم من الوجع والألم وأنّ تركه ربّما يوجب زيادة قتل النفوس وغير ذلك ، بل أقول لك أنّه ربّما يكون ظنّ أحدهم متاخما للعلم ، بل يصير إلى حدّ العلم العادي ولا يجترئ على فتوى القصاص ، فإن سألته عن ذلك يجيب بأنّه يخاف الله عن سوء الحساب ، وإن تتبّعت حاله لا تجد يقينه بالمعاد وعذاب جهنّم أكثر ممّا ظهر له من حقيقة الأمر ، فكيف يصير الفرع زائدا على الأصل.
وبالجملة ، لا بدّ من ملاحظة طرفي الإفراط والتفريط أعاذنا الله من الميل إلى الهوى ومتابعة النفس وإطاعة الشيطان ، ومع ذلك كلّه ، فلا تغترّ بما نهيتك عن التزام الاحتياط ويصير ذلك سببا للمسامحة في الدّين والمساهلة في الفتوى ، فإنّ ذلك أيضا من الموبقات المهلكة ومن أعظمها ، بل عليك بالاقتصاد وبذل الجهد والوسع ثمّ العمل بمقتضاه.
الثالث : إنّ مخالفة ما ظنّه المجتهد حكم الله ، مظنّة للضرر ، ودفع الضرر المظنون واجب (١).
وردّ : بمنع أنّ مخالفة الظنّ مظنّة للضرر ، لأنّ علمنا بوجوب نصب الدّلالة من الشارع (٢) على ما يتوجّه التكليف به ، يؤمننا الضّرر عند صدق المخبر ، مع أنّه
__________________
(١) عقلا وشرعا.
(٢) وهذا العلم إما لأنّه من باب اللّطف الواجب عليه سبحانه وتعالى وانّه يجب عليه ـ