والإصلاح بين الناس وإقامة المعروف ، ومع ذلك مخفيّ عن الأمّة وإن كان بسبب ظلم ظالميهم.
وكما أنّ المجتهد صار نائبا عنه بالعقل والنقل ، وكان اتّباعه واجبا كاتّباعه ، فكذلك ظنّ المجتهد بقولهم ودينهم وشرائعهم صار نائبا عن يقينه بها.
وكما كان يجب أن يكون الإمام عليهالسلام عارفا بجميع الأحكام بحيث لو احتاجت الأمّة أعلمهم بها وإن لم تكن محتاجة بالفعل إليها ، فكذلك يجب للمجتهد الاستعداد لجميع الأحكام بقدر طاقته ليرفع احتياج الأمّة عند احتياجهم ، وإن لم يكن فعليّة الاجتهاد واجبا ، ولا ريب أنّه لا يمكن له تحصيل الكلّ باليقين ، فناب ظنّه مقام يقينه.
ولمّا لم يكن إثبات اليقين بحجّية أخبار الآحاد وظواهر الكتاب في زماننا لما أشرنا سابقا ، فغاية (١) الأمر حصول ظنّ بحجّيتها لنا. والاعتماد على أصل البراءة قد عرفت حاله ، وكذلك التوقّف والاحتياط مع عدم دليل عليهما.
نعم إذا فرض عدم حصول ظنّ للمجتهد في مسألة أصلا ، فيرجع فيه إلى أصل البراءة.
لا يقال : أنّه على هذا التقرير يرجع مآل هذا الدّليل إلى الدّليل الأوّل ، لأنّ مرجع الدّليل الأوّل إلى لزوم تكليف ما لا يطاق في معرفة الأحكام لو لم يعمل بظنّ المجتهد ، ومرجع هذا الدّليل إلى أنّ ترك العمل بالظنّ يوجب الظنّ بالضّرر.
قوله : مع أنّه منقوض برواية الفاسق.
فيه : أنّ عدم جواز العمل بخبر الفاسق إذا أفاد الظنّ ، أوّل الكلام ، إذ اشتراط
__________________
(١) جواب لما.