هو وفق مجرى عادته تعالى ، إنّما هو بالنطق والكلام غالبا (١) ، ونطقه تعالى مع عباده ليس إلّا بلسان رسوله ، إمّا بتلاوة كتابه عليهم ، أو بحكمه بنفسه وبيانه إيّاها بلسانه الشريف. فما حصل العلم بمراد الله تعالى للمخاطبين المشافهين من الكتاب أو سنّته صلىاللهعليهوآله فلا كلام فيه ، وفي أنّه حجّة على العباد ويجب متابعتهم وحصول العلم من الخطاب ولو بضميمة المقام ، ممّا لا يداني إمكانه ريب وشكّ. وكذلك ما حصل الظنّ به لهم من العمل على مقتضى الحقائق والمجازات بحمل الألفاظ على حقائقها عند عدم القرينة على خلافها ، والبناء على القرائن في الحمل على المعاني المجازية ، لأنّ ذلك كان طريقة العرف والعادة من لدن خلقة آدم عليهالسلام إلى يومنا هذا ، وأنّهم كانوا يبنون المحاورات على ذلك ، يعلم ذلك بملاحظة أحوال العرف والعادة علما وجدانيّا ، فالشّارع اكتفى في المحاورات مع أصحابه بما حصل لهم الظنّ به في التكاليف أيضا.
والسرّ في ذلك مع أنّ المحقّق عند أصحابنا هو التخطئة ، وانّ حكم الله الواقعي واحد في نفس الأمر بالواقع ، أنّ عمدة العماد في التديّن والإيمان بالله هو أصل التوحيد وخلع الأنداد والأضداد ، والتسليم والانقياد وتوطين النفس على تحمّل المشاقّ الواردة من قبله تعالى. فالأحكام الفرعية وإن كانت من الأمور الحقيقيّة المتأصّلة الناشئة من المصالح النفس الأمرية (٢) ، لكن العمدة في تأسيسها هو الابتلاء والامتحان وتقوية الايمان بسبب الامتثال بها ، والتقرّب بها من جهة أنّه
__________________
(١) وقد تكون بالوحي القلبي بإلقاء الشيء في الرّوع. وكما في قصة ابراهيم عليهالسلام في رؤياه ذبح ولده اسماعيل عليهالسلام إلّا أنّ ذلك ليس غالبا.
(٢) أي الواقعية في أنفسها لا الحاصلة من الظنون من باب التصويب كما يقول العامة ، فإنّ الأحكام على هذا تكون اعتبارية لا حقيقية ، هذا كما في الحاشية.