ثمّ استشهد على ذلك بكلام المحقّق. وأنت إذا تأمّلت كتاب «العدّة» تعرف أنّ هذا الكلام بعيد بمراحل عن الصّواب ، وكذلك لا شهادة في كلام المحقّق له ، ووجه غفلته رحمهالله أنّه لم يكن عنده كتاب «العدّة» حين تأليف «المعالم».
والحاصل ، أنّ في «العدّة» مواضع متعدّدة من كلامه رحمهالله ، ينادي بأعلى صوتها ، أنّ كلامه في الأخبار المجرّدة عن القرائن الدّالّة على صحّة الخبر وصحّة المضمون لا حاجة لنا إلى نقلها.
نعم ، خصّ الشيخ القول بجواز العمل بأخبار الإمامية التي دوّنتها في الكتب المتداولة الدّائرة بين الأصحاب ، سواء رواها الإمامية أو غيرهم أيضا إذا كان سليما عن المعارض ، وهذا هو الذي نقله المحقّق عنه (١) أيضا ، وأنت خبير بأنّ مجرّد ذلك لا يوجب كون تلك الأخبار مقرونة بالقرائن المفيدة للقطع بالصدور ، سيّما مع تصريحه في مواضع كثيرة بما يدلّ على أنّها غير موجبة للعلم ، فلاحظ ، مع أنّ كون تلك الأخبار مقترنة بالقرائن المفيدة للقطع لأصحاب الأئمّة عليهمالسلام لا يفيد كونه كذلك عند الشيخ أيضا ، ولا دلالة في كلام الشيخ على أنّها كانت كذلك عند هذا.
ولكنّ الحقّ والتحقيق ، أنّ الاعتماد في الاستدلال بخبر الواحد في أمثال زماننا على الإجماع أيضا مشكل. لأنّ ما نقله الشيخ وإن كان يفيد عموم حجّية الكتب المتداولة ، لكنّه لفظ عامّ ، والاعتماد على عموم لفظ الإجماع المنقول في إثبات خبر الواحد دوريّ (٢) ، والعلم بجواز العمل بجميعها (٣) لأنفسنا غير معلوم ، فلا
__________________
(١) اي عن الشيخ. راجع «المعارج» ص ١٤٧ للمحقّق.
(٢) وجهة الدّورية أنّ الإجماع المنقول أيضا خبر واحد ، فلا يثبت حجّيته إلّا بثبوت حجّية الخبر الواحد ، فيتوقّف حجّيّة الإجماع المنقول على حجّيّة نفسه ، وكذا حجّيّة الخبر الواحد.
(٣) أي العلم بجواز العمل بالإجماع المنقول وبالأخبار غير معلوم ، بمعنى غير متحقّق.