وأمّا الصبيّ المميّز ، فالمعروف من مذهب الأصحاب وجمهور العامّة (١) المنع ، ودليله الأصل (٢) وعدم شمول أدلّة حجّية خبر الواحد له ، وربّما يستدلّ بالأولوية بالنسبة إلى الفاسق ، فإنّ للفاسق خشية من الله ربّما منعه عن الكذب بخلاف الصبي (٣).
وفيه : تأمّل.
وذهب آخرون (٤) إلى القبول قياسا على جواز الاقتداء به.
وردّ : ببطلان القياس أوّلا ، وبمنع الأصل ثانيا. وبوجود الفارق (٥) ثالثا. فإنّهم يجيزون الاقتداء بالفاسق ولا يقبلون خبره. هذا إذا رواه قبل البلوغ ، وأمّا إذا رواه بعده وسمعه قبله فلا إشكال في القبول إذا جمع سائر الشرائط ، ولذلك قبل الصّحابة رواية ابن عبّاس (٦) وغيره (٧) ممّن تحمّل الرّواية قبل البلوغ.
__________________
(١) راجع «المستصفى» ١ / ١٥٤ ، و «المحصول» ٣ / ١٠١٨ ، و «اتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر» ٢ / ٩٨٣.
(٢) أي أصالة عدم قبلوه ، ظاهرا هذا الذي يقصده.
(٣) وربما يستدل على جواز قبول خبر الصبي المميّز بأنّه ليس بفاسق فلا يجوز ردّ خبره ، ويجب قبوله لعموم مفهوم قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) الحجرات : ٦.
(٤) من بعض العامة ، كما عن «المستصفى» ١ / ١٥٤.
(٥) فهناك فارق بين قبول الخبر وجواز الاقتداء به.
(٦) فيه نظر ، إذ لم يعلم أنّ الصحابة قبلوا من ابن عبّاس أخباره التي سمعها قبل البلوغ ، بل الظاهر انّ قبولهم إنّما لأخباره الّتي سمعها بعده ولعدم قبول الرّواية المسموعة قبل البلوغ وجه مثل ما ذكر بعض الأصحاب. وقول المصنّف لا وجه له ، لا وجه له. هذا كما في الحاشية.
(٧) كعبد الله بن جعفر بن أبي طالب وكان له اثني عشر عاما تقريبا حينما ارتحل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسبطي النبي الرحمة الحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام.