وما ذكره بعض الأصحاب من أنّ وجه ردّ الصدوق رحمهالله ما يرويه محمّد بن عيسى عن يونس ، هو هذا لا وجه له (١).
وأمّا الإسلام ، فظاهر بعضهم دعوى الإجماع على ذلك ، مستندا إلى قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا). (٢)
__________________
(١) وقد نقله الوحيد البهبهاني على ما حكي عنه في تعليقة رجاله عن جده. وتوضيح المقام أنّ محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين يروي عن كتب يونس بن عبد الرحمن وعن أبي جعفر بن بابويه عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد أنّه قال في شأنه : إنّ ما تفرّد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه. وعن الشيخ في «الفهرست» فيه : أنّه ضعيف استثناه أبو جعفر بن بابويه من رجال نوادر الحكمة ، وقال : لا أروي ما يختص بروايته. وقيل : إنّه كان يذهب مذهب الغلاة. انتهى. واختلف في وجه هذا التضعيف فقد يحتمل كونه لأجل رميه بالغلوّ كما نقله في «الفهرست» ، وعن التعليقة قال جدي : الظاهر انّ تضعيف الشيخ لتضعيف الصدوق ، وتضعيفه لتضعيف ابن الوليد ، وتضعيف ابن الوليد لاعتقاده انّه يعتبر في الاجازة أن يقرأ على الشيخ أو يقرأ الشيخ ويكون السّامع فاهما لما يرويه. وكان لا يعتبر الاجازة المشهورة بأن يقال : أجزت لك أن تروي عني ، وكان محمد صغير السّن ولا يعتمدون على فهمه عند القراءة. ولا على إجازة يونس له. وأمّا ذكر غلوّه ، فذكر الشيخ بقيل ولم ينقلوا عنه ما يشعر به ، بل مع تتبعي كتب الأخبار جميعا لم اطّلع على شيء يوجب طرح خبره. انتهى. وقوله : وما ذكره بعض الاصحاب ... الخ ، وكأنّه تعريض على جدّ البهبهاني أراد به منع كون الوجه في ردّ الصدوق تبعا لشيخه ما تفرّد به محمد بن عيسى عن كتب يونس عدم قبول روايات من تحمّلها قبل البلوغ. وسند المنع لعلّه ما احتمله بعضهم في توجيه عدم اعتماده على ما تفرّد به من كتب يونس انقطاع الاسناد إليه كما هو الحال في استثنائه أي استثناء الصدوق محمدا من رجال نوادر الحكمة كما تقدم حكايته عن الشيخ في «الفهرست» ، فإنّه إنّما استثناه لانقطاع الاسناد إليه. هذا كما في الحاشية للسيد علي القزويني.
(٢) الحجرات : ٦. واستندوا في الآية هذه بناء على شمولها للكافر كما قال العلّامة : أنّه أي فسق أعظم من الكفر.