تسمّى عفّة ، والقوّة الغضبية إذا اعتدلت بين التّهور والجبن ، تسمّى شجاعة وحلما.
وأمّا في عرف الفقهاء والأصوليين فالمشهور بين المتأخّرين أنّها ملكة في النفس ، تمنعها من فعل الكبائر والإصرار (١) على الصغائر ومنافيات المروّة. يعني ما يدلّ على خسّة النفس ودناءة الهمّة بحسب حاله ، سواء كانت صغيرة كالتطفيف بحبّة أو سرقتها ، أو مباحا كلبس الفقيه لباس الجندي والأكل في الأسواق في بعض الأوقات والأزمان ، والكاشف عن تلك الكيفية هو المعاشرة المطّلعة على تلك الملكة يقينا أو ظنّا أو شهادة عدلين.
والمختار (٢) الاكتفاء بحسن الظاهر وظهور الصّلاح ، وكون الشّخص ساتر العيوب ومجتنبا عن الكبائر ، مواظبا للطاعات على ما اشتمل عليه صحيحة عبد الله بن أبي يعفور (٣) المرويّة في كتاب «من لا يحضره الفقيه» وغيره.
__________________
(١) وتمنعها من الإصرار على الصغائر.
(٢) لتلك الكيفية من العدالة.
(٣) في الصحيح عن ابن أبي يعفور قال : قلت للصادق عليهالسلام : بما يعرف عدالة الرّجل من المسلمين حتى يقبل شهادته لهم وعليهم. فقال عليهالسلام : أن يعرفوه بالسّتر والعفاف ، وكفّ البطن والفرج واليد واللّسان ، ويعرف باجتناب الكبائر التي أوعد الله تعالى عليها النار ، من شرب الخمر والزّنا والرّبا وعقوق الوالدين والفرار من الزّحف وغير ذلك. والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه ، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته بين الناس ، الى أن قال عليهالسلام بعد ذكر مواظبته على الصّلوات الخمس وعدم تخلّفه عن جماعة المسلمين إلّا من علّة : فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلّته قالوا : ما رأينا منه إلّا خيرا ، مواظبا على الصلاة معاهدا لأوقاتها في مصلّاه ، فإنّ ذلك يجيز شهادته وعدالته بين المسلمين ، الى أن قال بعد التأكيد على حضور الجماعة ، ومن لزم جماعتهم : حرمت عليهم غيبته وثبت عدالته بينهم.