وأمّا الاكتفاء بظاهر الإسلام مع عدم ظهور الفسق كما هو مذهب جماعة من القدماء (١) فهو ضعيف.
وتفصيل الكلام والخلافات في معنى العدالة والكاشف عنها وأدلّتها ونقضها وإبرامها ، قد أوردناه في كتبنا الفقهية ، فالمشهور اشتراط العدالة في قبول الرّواية ، واكتفى الشيخ بكون الرّاوي ثقة متحرّزا عن الكذب في الرّواية وإن كان فاسقا بجوارحه ، وهذه عبارته في «العدّة» (٢) : فأمّا من كان مخطئا في بعض الأفعال أو فاسقا بأفعال الجوارح وكان ثقة في روايته متحرّزا فيها ، فإنّ ذلك لا يوجب ردّ خبره ، ويجوز العمل به ، لأنّ العدالة المطلوبة في الرّواية حاصلة فيه ، وإنّما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره ، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم.
وعن ظاهر جماعة من متأخّري الأصحاب الميل إلى العمل بخبر مجهول الحال ، كما هو مذهب بعض العامّة ، والظاهر أنّ هذا القول ليس من جهة اختيار هذه الجماعة الاكتفاء في الكاشف عن العدالة بظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق ، كما هو مذهب بعض العامّة (٣) ، بل لأنّ آية التثبّت وغيرها تدلّ على جواز العمل بخبر المجهول وإن لم نقل بكونه عادلا بسبب عدم ظهور الفسق.
حجّة المشهور قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ)(٤) الآية.
__________________
(١) كابن الجنيد والمفيد والشيخ في كتاب «الاشراق» ، وفي «الخلاف» مدّعيا فيه الإجماع على ما حكي.
(٢) ١ / ١٥٢.
(٣) راجع «المحصول» ٣ / ١٠٢٣.
(٤) الحجرات : ٦.