وجه الدلالة أنّ الفاسق هو من ثبت له الفسق ، لا من علم أنّه فاسق ، فإذا وجب التثبّت عند خبر من له هذه الصّفة في الواقع ، فيتوقّف القبول على العلم بانتفائها. وهو يقتضي اشتراط العدالة ، إذ لا واسطة بين الفاسق والعادل في نفس الأمر فيما يبحث عنه من رواة الأخبار ، لأنّ فرض كون الرّاوي في أوّل سنّ البلوغ مثلا ، بحيث لم يحصل له ملكة قبل البلوغ ولم يتجاوز عن أوّل زمان التكليف بمقدار يحصل له الملكة ، ولم يصدر عنه فسق أيضا فرض نادر لا التفات إليه.
وأمّا في غير ذلك (١) فهو إمّا فاسق في نفس الأمر ، أو عادل ، والواسطة إنّما تحصل بين من علم عدالته ، ومن علم فسقه ، وهو من يشكّ في كونه عادلا أو فاسقا وذلك الواسطة إنّما هو [هي] في الذّهن لا في نفس الأمر.
وبالجملة ، تقدّم العلم بالوصف لا مدخلية له في ثبوت الوصف ، والواجبات المشروطة بوجود شيء ، إنّما يتوقّف وجوبها على وجود الشرط لا على العلم بوجودها ، فبالنسبة إلى العلم ، مطلق لا مشروط ، مثل أنّ من شكّ في كون ماله بقدر استطاعة الحجّ لعدم علمه بمقدار المال ، لا يمكنه أن يقول : إنّي لا أعلم أنّي مستطيع ، ولا يجب عليّ شيء ، بل يجب عليه محاسبة ماله ليعلم أنّه واجد للاستطاعة أو فاقد لها.
نعم ، لو شكّ بعد المحاسبة في أنّ هذا المال هل يكفيه في الاستطاعة أم لا ، فالأصل عدم الوجوب حينئذ. فمقتضى تعليق الحكم على المتّصف بوصف في نفس الأمر لزوم الفحص (٢) ، ثمّ العمل على مقتضاه.
__________________
(١) أي في غير الفرض النّادر فالرّاوي في نفس الأمر إما عادل أو فاسق ولا واسطة بينهما ، فانتفاء كونه فاسقا يلازم كونه عادلا.
(٢) عن الوصف.