حينئذ في الجملة ، وإن كان من جهة كونه أحد شطري البيّنة ، وذلك لا يفيد إلّا جواز العمل في الجملة ، لا خصوص العمل إذا كان واحدا مطلقا (١) كما هو المطلوب. وإرادة المعنيين معا بالنسبة إلى الشهادة وغير الشهادة استعمال اللّفظ في المعنى الحقيقيّ والمجازيّ ، وهو باطل كما حقّقناه سابقا ، وجعل الأصل والظّاهر من الآية العمل بالواحد ، والقول بأنّ الشّهادة مخرج بالدليل مع كون الآية واردة فيما هو من باب الشهادة على ما هو شأن نزول الآية محلّ إشكال ، سيّما وهو مستلزم لتخصيص المنطوق بالخبر أيضا ، لأنّ الظنّ الحاصل بالتثبّت لا يفيد في الشّهادة.
وأمّا الإجماع فهو ظاهر في الخبر المصطلح.
وأمّا الدّليل الخامس ، فهو لا يفيد الاعتماد على الواحد من جهة أنّه خبر الواحد ، بل لأنّه ظنّ ، ولا مناص عن الظنّ عند انسداد باب العلم.
فالحقّ والتحقيق ، أنّ هذا البناء باطل ، إذ ليس ذلك (٢) من باب الخبر المصطلح ، ولا دليل على كفاية الواحد بالخصوص في غير الشّهادة من أقسام الخبر ، ولا دليل على كونه من باب الشّهادة لعدم صدق تعريفها عليه عند التأمّل ، فإنّ المراد من التزكية ليس إثبات حقّ لازم للمخلوق أو للخالق ، وإفادته لذلك بالأخرة بعد العمل بالرّواية بسبب التعديل ، مشترك الورود في الخبر والشهادة ، مع أنّ العلم معتبر في الشّهادة غالبا ، بخلاف ما نحن فيه ، لاستحالة العلم بالعدالة عادة.
سلّمنا أنّه شهادة ، لكن لا دليل على وجوب التعدّد في مطلق الشهادة ، فإنّ بعض الأصحاب قد اعتبر الواحد في بعض الموادّ (٣) ، بل اعتبروا المرأة الواحدة أيضا
__________________
(١) أي في جميع الأخبار حتى في الشهادة والتزكية وغيرهما.
(٢) اي التزكية.
(٣) كما في الهلال.