في بعض الأحيان (١) ، ولا دليل على عدم كون التزكية ممّا يقبل فيه الواحد ، فالأولى أن يقال : إنّ ذلك من باب الظّنون الاجتهادية المرجوع إليها عند انسداد باب العلم ، وليس من باب الشهادة ولا الرّواية المصطلحة.
ثمّ إنّه يمكن توجيه كلام الشهيد حيث قال : وينفردان في أنّ المخبر عنه ... الخ.
بأنّ المراد أنّ العموم إنّما يوجد في الرواية دون الشهادة ، لا أنّ المخبر عنه في الرّواية دائما يكون عامّا. ويلزمه أنّ الشهادة دائما مخصوصة ، وهو كذلك.
ومراده بيان أحد المميّزات لا الجميع حتّى يرد أنّ بينهما فرقا آخر ، وهو أنّ الشهادة إخبار بحقّ لازم للغير البتة ، ولا يلزم أن يوجد ذلك في الرواية ، بل لا يوجد فيها إلّا على سبيل التبعية والاستلزام كالفتوى.
وأمّا قوله : إنّ الصوم مثلا لا يتشخّص لمعيّن ، فلا وجه له ، لأنّ الإخبار عن رؤية الهلال الجزئي المتشخّص لا عموم فيه بالضرورة ، وذلك يوجب إثبات حقّ الله تعالى وهو الصوم الخاصّ الحاصل في الشّهر الخاصّ على عباده ، كإثبات الحدّ على شارب الخمر.
وتوهّم عموم الصائم والمفطر (٢) مدفوع ، بأنّ المراد بالعموم والخصوص هنا : أنّ أكثر الرّوايات مفيد للحكم لموضوع مفروض وإن لم يتحقّق ولم يتصوّر تحقّقه كالفتاوى ، فقوله عليهالسلام : «لا شفعة فيما لا يقسّم» (٣). يعني كلّما وجد ما لا يقسّم فحكمه
__________________
(١) كما في الوصية والاستهلال.
(٢) الصائم في هلال شهر رمضان والمفطر في هلال شوال.
(٣) في البخاري كتاب الشفعة الحديث ٢١٣٨ ـ ٢ / ٧٨٧ ، وفي «المستصفى» ٢ / ٨٤ ـ