وتوضيحه : أنّ الأحكام المتعلّقة بالموضوعات التي ليس بيانها وظيفة الشّارع مثل أن يقول : يجوز الصّلاة في الخزّ أو إنبات اللّحم محرّم أو المرض المضرّ مبيح للإفطار ونحو ذلك ، لا شبهة في أنّها إنّما تعلّقت بما هو في نفس الأمر كذلك ، فإن حصل للمكلّف العلم به ، فهو ، وإلّا فيرجع إلى الظنّ ، لاستحالة التكليف بالمحال. والعدالة من هذا القبيل ، فالمعتبر في الطبيب وأهل الخبرة والمزكّي هو كونه معتمدا بحيث يحصل الظنّ ، فليس ذلك من باب الرّواية ولا من باب الشهادة ، فخبر هؤلاء بالنسبة إلى كون ما ذكروه مطابقا لنفس الأمر بمعتقدهم وبحسب ظنّهم ، واعتبار العدالة في هؤلاء لأجل حصول الاعتماد بعدم كذبهم في ذلك وعدم مسامحتهم في اجتهادهم.
فبهذا يحصل الظنّ ، بل قد يكتفى بما يحصل الظنّ وإن كان أهل الخبرة فاسقا ، بلّ وكافرا أيضا ، بل وظاهر الفقهاء جواز الاعتماد على كلام الأطباء إذا أفاد الوثوق مطلقا وهو مقتضى الأخبار الواردة في مسألة القيام في الصلاة ، ويقتضي [مقتضي] ذلك تخصيص آية التثبّت عند خبر الفاسق بما لم يفد الظنّ ، فالأصل يقتضي الاكتفاء بالواحد في مطلق التزكية ، إلّا أنّ تزكية الشاهد خرج بالدليل من الإجماع كما ادّعى بعضهم ، أو لأجل ما ذكرنا من مقابلة حقّ المسلم ، ولذلك خصّ حمل أفعال المسلمين وأقوالهم على الصحّة بما لو لم يعارضه مثله أو أقوى منه ، مع تأمّل في الأخير لكون الخبر أيضا قد يكون كذلك كما أشرنا من أنّه أيضا قد يثبت حقّا على أحد بالأخرة.
ولكن يبقى الإشكال الذي أوردناه أوّلا من أنّ العدالة شيء واحد ، والمشروط