والثالث : قوله الآخر. وذهب الشيخ (١) إلى قبوله إن كان الرّاوي ممّن عرف أنّه لا يروي إلّا عن ثقة مطلقا ، وإلّا فيشترط أن لا يكون له معارض من المسانيد الصحيحة ، ويظهر من المحقّق التوقّف.
والأقوى هو القول الثالث ، لا لأنّ ذلك تعديل للواسطة حتّى يقال أنّه على فرض تسليمه شهادة على عدالة مجهول العين ، ولا يصحّ الاعتماد عليه (٢) لاحتمال ثبوت الجارح كما تقدّم ، بل لأنّه يفيد نوع تثبّت إجماليّ ، إذ غايته (٣) أنّ العدل يعتمد على صدق الواسطة ويعتقد الوثوق بخبره وإن لم يكن من جهة العدالة عنده أيضا.
ولا ريب أنّ ذلك يفيد ظنّا بصدق خبره ، وهو لا يقصر عن الظنّ الحاصل بصدق خبر الفاسق بعد التثبّت ، ولذلك نعتمد على مسانيد ابن أبي عمير مثلا ، وإن كان المرويّ عنه المذكور ممّن لا يوثّقه علماء الرّجال ، فإنّ رواية ابن أبي عمير عنه يفيد الظنّ بكون المرويّ عنه ثقة معتمدا عليه في الحديث لما ذكر الشيخ في «العدّة» (٤) : أنّه لا يروي ولا يرسل إلّا عن ثقة ، ولما ذكره الكشّي : أنّه ممّن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه.
ولما ذكروا أنّ أصحابنا يسكنون إلى مراسيله ، وغير ذلك. وكذلك نظرائه مثل
__________________
(١) وكذا نقل المحقّق في «المعارج» ص ١٥١ عنه.
(٢) اي الاعتماد على هذا التعديل.
(٣) أي غاية الارسال المزبور.
(٤) ١ / ١٥٤.