واحتجّ القائل بالوجوب : بوجوه ضعيفة أقواها الآيات الآمرة باتّباعه عليهالسلام مثل قوله تعالى : (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.)(١)
وفيه : أنّ المتابعة والتأسّي هو الإتيان بمثل فعل الغير على الوجه الذي فعله ، لأنّه فعله ، ففعل ما فعله بقصد الندب بعنوان الوجوب ، ليس متابعة له.
فكما يمكن التجوّز في مادّة الصيغة لإبقاء هيئتها على حقيقتها (٢) ، يمكن العكس بإرادة الطلب الرّاجح ، سيّما والأوّل مستلزم للتخصيص أيضا جزما ، لعدم الوجوب في كثير من الأفعال ، وفي خصوص الخواصّ (٣) إجماعا ، مع أنّه إذا بقي الاتّباع على معناه الحقيقي ، وهو إتيان الفعل على ما فعله لأجل أنّه فعله على الوجه الذي فعله ، فالوجوب المتعلّق بهذا المعنى من جهة صيغة الأمر إنّما يتعلّق بالقيد لا بالمقيّد ، فلا مجاز أصلا.
ومنه يظهر الجواب عن قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي)(٤).
ووجه الاستدلال بها : أنّه جعل وجوب المتابعة معلّقا على محبّة الله التي هي واجبة اتّفاقا.
وما أجيب : بأنّ وجود الشرط غير مستلزم للمشروط ، فهو فاسد لابتنائه على الخلط بين معاني الشرط ، وجعله هنا عبارة عن الشرط الأصوليّ.
ومثل قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا
__________________
(١) الاعراف : ١٥٨.
(٢) وهو الوجوب.
(٣) ما ثبت اختصاصه بالنبي صلىاللهعليهوآله.
(٤) آل عمران : ٣١.