وأمّا المفصّل (١) فلا دليل يعتدّ به.
وقد استدلّ على المختار مضافا إلى ما مرّ بإجماع العصابة على الرجوع في الأحكام إلى أفعاله كقبلة الصّائم ، لما روته [رواه] أمّ سلمة عن فعله عليهالسلام ، والغسل بمجرّد التقاء الختانين وإن لم ينزل ، لما روته [رواه] عائشة عن فعله عليهالسلام ، نظرا إلى أنّ وجه الأوّل معلوم ، فإنّه للإباحة ، وأنّ الغسل من التقاء الختانين ظاهر في أنّه كان يفعله بعنوان الوجوب ، لأنّه صلىاللهعليهوآله كان يجعله غسل الجنابة ويترتّب عليه أحكامه ، وغسل الجنابة واجب جزما.
والظاهر أنّ الحكم في الترك هو الحكم في الفعل.
وممّا يتفرّع على هذا التأسّي به صلىاللهعليهوآله في التباعد عن الناس عند التخلّي المعلوم أنّه كان على سبيل الاستحباب.
ثمّ إنّ معرفة وجه فعله صلىاللهعليهوآله إمّا يعرف بنصّه بأنّ هذا الذي فعلته ؛ فعلته بعنوان الوجوب ، أو يعلم أنّه كان امتثالا لأمر يدلّ على الوجوب ، مثل قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ ،)(٢) الدالّ على الوجوب أو أمر يدلّ على مجرّد الرّخصة ، أو أمر ندبي ، والتمثيل لذلك بقوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا.)(٣)(فَكاتِبُوهُمْ)(٤) سهو لعموم الخطاب فيهما ، أو يعلم بانضمام القرائن كما أشرنا في قبلة الصّائم والتباعد عند التخلّي أو غير ذلك من القرائن.
ومنها : أصالة عدم الوجوب الدالّة على الإباحة إليه إذا فقد الدليل على الوجوب والندب.
__________________
(١) الذي فصّل بين العبادات والمعاملات.
(٢) الاسراء : ٧٨.
(٣) المائدة : ٥.
(٤) النور : ٣٣.