فيه ، وهو لا يتمّ إلّا بعد البحث والفحص.
وحاصل المقام ، أنّ حجّة الله على العباد منحصر في النّبي صلىاللهعليهوآله والوصيّ عليهالسلام ، وبعد العجز عن الوصول إليهما وبقاء التكليف ، فلا دليل على جواز الاعتماد إلّا على ظنّ من استفرغ وسعه في تحصيل الظنّ من جهة الأدلّة المنسوبة إليهم ، ولا يمكن ذلك إلّا بعد الفحص عن المعارضات والاعتماد على الترجيحات ، وسيأتي الكلام في كفاية الظنّ وعدم وجوب تحصيل العلم عليه.
إذا تمهّد هذا فنقول : إنّ العامّ المتنازع فيه واحد من الأدلّة ، واحتمال وجود المعارض أعمّ من المناقض الرّافع لجميع حكمه أو المخصّص الرّافع لبعضه. ولمّا كان الغالب في العمومات التخصيص حتّى قيل : ما من عامّ إلّا وقد خصّ ، فقوي احتمال وجود المعارض هنا ، فصار مظنونا ، فصار ذلك أولى بوجوب الفحص عن المعارض عن سائر الأدلّة.
وشبهة من لا يقول بوجوب الفحص عن المخصّص في العامّ ، هو أنّه لو وجب طلب المخصّص في التمسّك بالعام ، لوجب طلب المجاز في التمسّك بالحقيقة ، إذ احتمال إرادة خلاف الظاهر ولزوم الوقوع في الخطأ بالعمل على الظاهر قائم فيهما ، ولا يجب ذلك في الحقيقة اتّفاقا ، وبدلالة (١) قضاء العرف بذلك ، فكذلك العامّ.
__________________
ـ عدم كون الحديث الذي نراه أوّلا مما له معارض كما تمسّك به هذا القائل ، ليس بأولى من كون الأصل عدم كونه مما ليس له معارض. وممّا قرّرنا ظهر أنّ في عبارة المتن نوع مسامحة كما لا يخفى على المتأمل ، فالأولى ما ذكرنا هذا. ولكن قال في الدرس بعد عرض ذلك على أنّ لفظ العدم في العبارة زائد سهوا من قلم النّاسخ ، فضرب عليه ، فتأمل فإنّه يرجع أيضا الى ما ذكرنا.
(١) هذا عطف على قوله : اتفاقا ، يعني انّ العرف قاض أيضا بحمل الألفاظ على ظواهرها من غير بحث عن وجود ما يصرف اللفظ عن حقيقته.