وظاهر هذا القول ، بل صريحه أنّه لم يعتبر للهيئة التركيبيّة حقيقة جديدة ، وزعم أنّ ذكر الاستثناء وإرادة الإخراج عن كلّ واحد حقيقة ، كما أنّ إرادة الإخراج عن الأخيرة فقط أيضا حقيقة ، فلا يتفاوت الحال بتعقّبه لعامّ واحد أو لعمومات متعدّدة ، وتعيين كلّ فرد من أفراد الإخراج يحتاج الى القرينة لكن لا من قبيل قرينة المشترك اللّفظي ، فإنّه للتعيين لا للتفهيم.
ثمّ إنّه رحمهالله (١) مهّد لتحقيق ما اختاره مقدّمة لا بأس بإيرادها مع توضيح منّي وتحرير وإصلاح ، وهي : إنّ الواضع لا بدّ له من تصوّر المعنى في الوضع ، فإن تصوّر معنى جزئيّا وعيّن بإزائه لفظا مخصوصا ك : زيد لولد عمرو أو ألفاظ مخصوصة متصوّرة تفصيلا ك : زيد وضياء الدّين وأبي الفضل له ، أو إجمالا كوضع (٢) ما اشتقّ من الحمد له مثل : محمد وأحمد وحامد ومحمود ، فيكون الوضع خاصّا (٣) لخصوص التصوّر المعتبر فيه ، أعني تصوّر المعنى والموضوع له أيضا خاصّا وهو ظاهر.
وإن تصوّر معنى عامّا تحته جزئيّات إضافية أو حقيقية (٤) فله أن يعيّن لفظا معلوما أو ألفاظا معلومة بالتفصيل أو الإجمال بإزاء ذلك المعنى العامّ ، فيكون الوضع عامّا لعموم التصوّر المعتبر فيه والموضوع له أيضا عامّا.
__________________
(١) في «المعالم» : ص ٢٨٧.
(٢) بالوضع النوعي.
(٣) واطلاق الخاص على الوضع هنا من باب الصفة بحال المتعلّق ، لأنّ نفس الوضع ليس خاصا ، بل الخاص هو المعنى المتصوّر عند الوضع.
(٤) الجزئيات الاضافية كالانسان والفرس تحت الحيوان. والحقيقية كالأفراد الخاصة تحت الانسان.