استثناء ، مع قبول تلك الجماعة كلها : بأن الشح صفة ذميمة ، تجلب لهم العار ، وتحط من قدرهم في جميع الأعصار والأمصار ، ولا تجد أحدا يرضى بأن تنسب إليه مهما كانت ظاهرة وراسخة فيه.
أما إذا شحّ إنسان بمال غيره ، فذلك مما يستعصي على العقول فهمه ، فكيف إذا ظهر ذلك من جماعة أو من عشيرة بكاملها؟
ولما ذا أقدمت تلك الجماعة أو العشيرة على منع أخذ الصدقات من عشيرة غيرها ، إلى حد أنها رضيت بمباشرة القتال ، وركوب الأهوال من أجل ذلك؟! كما هو الحال بالنسبة لبني تميم حين شحوا بمال قبيلة خزاعة ، الذي لا تريد أن تعطيه ترفا وسرفا ، ولا جودا وكرما ، وإنما انقيادا للحكم الشرعي ، والواجب الإلهي ، والأمر النبوي.
إننا لا نستطيع تفسير هذا الأمر إلا على أساس أن هؤلاء القوم قد بلغوا الغاية وأوفوا على النهاية في النذالة واللؤم .. وقدموا بذلك أوضح الأدلة والبراهين على أنهم أبعد الناس عن الأدب ، وعن الإلتزام بفروض اللياقة ، أو الشعور بالكرامة.
كما أن ما فعلوه يدل دلالة واضحة على إغراقهم في الجهل ، والأعرابية ، إلى حد يثير القرف والإشمئزاز ..
أخذ العفو ، لا كرائم الأموال :
ثم إن أول ما يطالعنا في هذه السرية هو وصية النبي «صلىاللهعليهوآله» لمبعوثه على الصدقات بأن يأخذ عفو المال ، وأن يتوقى كرائمه.
وهذا هو العدل والرفق. فإن أخذ ما فضل من المال ، الذي يحبه