إلا من شاء الله :
وقد لاحظنا : إنه «صلىاللهعليهوآله» حين ذكر الصيحة الأولى ، وما ينشأ عنها من أمور هائلة ، مثل موت الأحياء ، وإحياء الأموات. استثنى من الجملة الأخيرة ، بقوله : «إلا ما شاء الله».
فعبّر بكلمة «ما» التي تستعمل ، ويراد بها غالبا غير العقلاء ، فلعل المراد : الإستثناء لبعض الأموات من غير البشر ، من حشرات ، أو طيور ، أو حيوانات لا يترتب على إحيائها أثر ..
ولكنه «صلىاللهعليهوآله» حين ذكر الصيحة الثانية ، التي تنشر بها الأموات ، وترمي النار بمثل الجبال شررا ، فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه ، وذكر ذنبه ، وشغل بنفسه. استثنى من ذلك فقال : «إلا من شاء الله». مستفيدا من كلمة «من» التي تستعمل غالبا للتعبير عن العقلاء ، حيث يبدو أنه أراد أن يستثني أنبياء الله وأوصيائهم من هؤلاء الذين تنخلع قلوبهم ، وتشغلهم ذنوبهم ، إذ ليس لدى هؤلاء ذنوب يذكرونها ، ولا ما يوجب انشغالهم بأنفسهم ..
عدوانية عمرو بن معد يكرب :
وقد صرح النص المتقدم : أن عمروا حين انصرف مرتدا عن الإسلام أغار على قوم من بني الحارث بن كعب ، ومضى إلى قومه ..
وذلك يشير إلى : وقاحة وجرأة على الدماء ، وإلى الإستهانة بكرامات الناس ، والطمع بأموالهم وأعراضهم ، بشكل يوجب المبادرة إلى وضع حد له بصراحة وحزم. وهذا ما فعله رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، حيث