دافعوا عن أنفسهم ، وهو حق مشروع لهم.
دعاء النبي صلىاللهعليهوآله يناسب منطقهم :
وقد لاحظنا : أن رد بني حارثة بن عمرو ، وسائر من تقدم ذكرهم ، على كتاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إليهم قد اتسم بالاستهتار والخفة ، وبالصلف ، وبالسفه والوقاحة ، حيث كانوا يأخذون الصحيفة ، وبعد أن يغسلوها ، يرقعون بها أسفل دلائهم .. فدعا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عليهم بأن يبتليهم الله بما يتناسب مع نفس فعلهم ، وهو خفة العقل ، وظهور الإختلاط والسفه.
وقد أظهر الله كرامة نبيه باستجابة دعائه فيهم .. ليكون ذلك عبرة لهم ، ولغيرهم ممن يسير في طريق الإستكبار ، والعنجهية ، والإستهتار بالحق ، والإستخفاف بأهله.
نعم ، لقد جاءت هذه الدعوة النبوية ، واستجابتها منسجمة مع طبيعة المنطق الذي واجهوا به النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فإنه كان يتسم بالإستخفاف المتمثل بترقيع دلائهم بكتابه «صلىاللهعليهوآله» .. فإن تصرفهم هذا تجاه دعوة الحق والخير والهدى قد جاء مجانبا للمنطق ، وللإنصاف ، يتسم بالخفة والصبيانية ، وعدم التعقل ، حيث لم يواجهوا الحجة بالحجة ، ولا استجابوا لنداء الضمير والوجدان ، الذي يفرض عليهم الخضوع للحق ، والأخذ بأحكامه ، والإستسلام لقضاء الفطرة ، وحكم الوجدان. فاستحقوا أن يكونوا في نفس هذا الموقع الذي ارتضوه لأنفسهم ، فكانت الدعوة النبوية ، التي أعقبتها الإستجابة الإلهية .. تماما كما كان الحال بالنسبة لقوم ثمود ، الذين قال الله تعالى