إمض ولا تلتفت :
إننا نلاحظ : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد قال لعلي «عليهالسلام» حين وجهه إلى اليمن : «إمض ولا تلتفت».
وهذه هي نفس الكلمة التي قالها له «عليهالسلام» : حين وجهه إلى يهود خيبر ، حيث قتل مرحبا ، واقتلع باب خيبر ، وفتح الحصن .. ولم نره قال ذلك لعلي «عليهالسلام» في غير هذين الموردين.
وقد يقال : إن من نقاط الإشتراك بينهما : أن فتح خيبر ، فيه إسقاط لهيمنة اليهود ، في تلك المنطقة ، وكسر لشوكتهم ، وإذلال لهم .. وإسلام اليمن يمثل أيضا ضربة قوية لعنفوان اليهود ، الذين كانت لهم هيمنة كبيرة وانتشار واسع في تلك البلاد.
يضاف إلى ذلك : إرادة إظهار مدى طاعة علي «عليهالسلام» ، والتزامه بحرفية أوامر النبي الكريم «صلىاللهعليهوآله» .. لكي يوازن الناس بين ذلك وبين ممارسات غيره ، ممن تكون أهواؤهم ، وعصبياتهم هي المهيمنة على تصرفاتهم.
ثم إن هذا التوجيه يشير إلى لزوم الإنضباط التام ، وعدم التسامح ، ولزوم الكف عن التوسع الإجتهادي في تطبيق الأوامر الصادرة عن القيادة ، فكيف إذا كانت هذه القيادة معصومة ، ولها مقام النبوة الخاتمة؟!
ثم إن هذا الأمر يعطي الإيحاء القوي : بأن على الإنسان حين يكلف بمهمة جهادية ، وخصوصا إذا كان ذلك من رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن لا يشغله أي شأن آخر ، وأن يركز كل همه ، ويحصر كل تفكيره ، في تلك المهمة التي أوكلت إليه ، وأن يقطع جميع تعلقاته بأي شيء آخر مهما كان ..