ولا يقيمون وزنا لمراتب الفضل في تعاملهم مع الآخرين ..
أما حين يكون الذين تحت يد عيينة من أقرانه ، وأشباهه في أعرابيته ، فإن تصرفاته تجاههم تأتي منسجمة مع توقعاتهم ، ولا تسبب لهم تلك المرتبة من الأذى والإساءة ، التي ستنشأ عنها لو كان المعني بها من هم أكثر وعيا ، وأسمى أنفسا ، وأنبل أخلاقا ..
هذا كله عدا أنه «صلىاللهعليهوآله» لا يريد أن يعطي عيينة أي سبب من اسباب الإستطالة على الآخرين بما ربما يخلعه على نفسه من مظاهر النبل والعظمة ، وبما يمنحها من امتيازات ، بالإستناد إلى تولية النبي «صلىاللهعليهوآله» له على فريق من أهل النصرة والهجرة.
مدى وفاء عيينة بتعهداته :
وإذا نظرنا إلى النتائج التي انتهت إليها مهمة عيينة ، فسنرى أنها قد جاءت قاصرة عن بلوغ المدى الذي تعهد هو لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» بإبلاغها إياه ، فقد تعهد أن يأتي بالذين اقترفوا ذلك الجرم ولو بلغوا ببرين .. ولكنه لم يأت إلا ببضع نساء ، ونفير (تصغير نفر) من رجال كانوا قد تخلفوا في البيوت ، فلما رأوا الجمع ولوا ، فكان عدد الذين أخذوا منهم هو أحد عشر رجلا ، وإحد عشرة امرأة ، وثلاثون صبيا ..
أما سائر القوم فكانوا غائبين ، ولم يأت بأحد منهم.
ولعل أولئك النفر الذين أخذوا من الرجال كانوا من المسنين والعجزة أيضا ، ولعلهم لم يشاركوا في منع رسول النبي «صلىاللهعليهوآله» من أخذ صدقات خزاعة.