هذا الإجراء الحازم والصارم.
وإن لم يكن صحيحا ، وظهر أنه كان في مهور النساء آنئذ ما هو أغلى من مهورهن ، فكان يكفي أن يقول لهن : إن هذا القول غير صحيح .. ولكن الذي نظنه هو : أن هولاء يريدون التعمية على الأسباب الحقيقة التي دعت النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى اتخاذ هذا الإجراء ، الذي خلده الله تعالى في كتابه الكريم إكراما لنبيه ، وإزراء على من اجترأ على مقام النبوة والرسالة ، وأساء إليها ..
الحقيقة المنقوصة :
وفي حين فشل الحسن (البصري) في تبيان حقيقة سبب ما جرى ، فأبهمه أيما إبهام ، فإن قتادة يكاد يقترب من إظهاره ، ولعله هو الآخر ، عاد فتراجع ، ربما لأنه لا يريد أن يعرض نفسه لخطر عظيم ، وبلاء جسيم.
فعن الحسن ، وقتادة : أن الله تعالى أمر نبيه أن يخيرهن في شيء كن أردنه من الدنيا.
وقال عكرمة : في غيرة كانت غارتها عائشة (١).
ولكن مجرد الغيرة من عائشة لا تكفي ، لو لم تكن هناك تصرفات وأقوال هائلة أخرى ، قد رافقت ذلك.
وربما يكون حديث الآيات عن الفاحشة ، والتوعد عليها بمضاعفة العذاب في هذه المناسبة حيث قال : (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ
__________________
(١) الدر المنثور ج ٥ ص ١٩٥ عن ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وراجع : التبيان ج ٨ ص ٣٣٥ وجامع البيان ج ٢١ ص ١٨٩ وإمتاع الأسماع ج ١٣ ص ٦٥.