ابنته حينما وصل إليها على تلك الحال المزرية ، والمتناهية في السوء والذلة والخزي. حتى إنه لم يجرؤ على دخول بيتها من بابه ، بل دخل من وراء البيت ، كي لا يرى الناس حاله.
وقد أدركت ابنته بمجرد رؤيتها إباه : أنه اتخذ سبيل العناد واللجاج ، وواجه الدعوة إلى الحق بالرد اللئيم والحاقد ، الذي يحتقر حتى أنبياء الله وأصفياؤه ، من دون ذنب أتوه إليه ، سوى الرغبة في إخراجه من الظلمات إلى النور ، ومن النار إلى الجنة ، ومن الضلال إلى الهدى ..
والظاهر : أن ابنته كانت تعرف طبيعة تصرفاته ، وترى أنها بعيدة عن الإتزان ، والسداد. فسألته عن حاله ، فظهر لها من حاله ومقاله : أن ظنها قد أصاب كبد الحقيقة. ولعل ذلك هو السبب في أننا لا نجد ما يظهر لنا أنها اهتمت لما حصل له ..
جفينة أو رعية :
ثم إننا لا ندري إن كان جفينة هو رعية ، والسحيمي هو الجهني. وقد صحف النساخ الكلمات ، والأسماء .. أم أنهما شخصان مختلفان؟!
وفي جميع الأحوال نقول :
إن استغراب بنت جفينة من فعل أبيها بكتاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يشير إلى : أن ما فعله جهينة لم يكن مستساغا حتى عند الأعراب ، البعيدين عن الوعي والثقافة ، والمعروفين بالجفاء وسوء الأدب. بل إن ذلك كان مستهجنا حتى عند النساء منهم ، فلا مجال لا دعاء أن يكون جفينة أو غيره قد فعلوا أمرا مستساغا ومرضيا عندهم ..