من ردات الفعل ، ومن الإنفعالات النفسية ، ولا من المصالح الشخصية ، ولا من منطلق الرغبة في مواجهة المعتدي بما يستحقه من القصاص والعقوبة ، وإنما من واجبه الإلهي ، وفي دائرة مهمته كنبي ورسول.
والأهم من ذلك كله ، من خلقه الرضي ، وإحساسه ، وميزاته وخصائصه التي جعلت نفسه تذهب حسرات على الناس ، حتى وهم يحاربونه ، ويسعون في سفك دمه ، ودم أهل بيته وأصحابه .. فإن كل همه كان منصبا على إنقاذهم من حمأة الجهالة ، ومن التيه والضلالة ، وأن يغمر أرواحهم ، وكل وجودهم نور الإسلام ، ويعيشوا روحانيته ، وقيمه ، ويتخلقوا بأخلاق أهل الإيمان ..
وهذا هو ما يرضيه ، ويسعد به «صلىاللهعليهوآله» ..
الأخلاق تعطي للعقل دوره :
ولعل هناك من يتساءل عن السبب الذي يكمن وراء اقتصار الآيات الكريمة في ملامتها لهؤلاء الناس على خصوص ندائهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من وراء الحجرات ، مع انه امر يرتبط بشكليات السلوك ، والآداب العامة ، التي لا ترقى إلى رجة استباحة سمعة من يتخلف عنها ، أو تسجيل ما يوجب له العار إلى يوم القيامة ، مع أن جرمهم لا يقتصر على هذا فقد منعوا تحت طائلة التهديد بالقتل من إيصال الحق لأهله كما تقدم ، بل يكفيهم سوءا وشرا أنهم لا يزالون يتخذون سبيل الشرك والضلال ..
ويمكن ان يجاب : بأن مسألة الأخلاق والآداب في غاية الأهمية ، وهي حساسة جدا وأساسية في حياة البشر ، وفي تعاطيهم مع القضايا ، وفي وعيهم لأسبابها ، ولآثارها ، وتلمّس ما يرتبط بها ، أو ينشأ عنها ..