بل إن لها دورا في اختيارات الإنسان ، وفي حصوله على السكينة والرضا بقضايا الإيمان ، وفي تفاعله معها ، والتأثر بها.
كما أنها تؤثر بشكل قوي في بعث العقول وإيقاظها من سباتها ، لتتولى هي هداية الإنسان في حركته في الحياة ، على أساس من الإدراك والوعي ، المعتمد على التدبر والتأمل ..
ولأجل ذلك ربط تعالى بين ندائهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من وراء الحجرات ، وبين العقل ، الذي به يزن الإنسان المتوازن أموره ، ويأخذ بمشورته وبأحكامه في الإقدام والإحجام ..
كما ويلاحظ : أن التعبير في الآية قد جاء بصيغة «يعقلون» ، التي تشير إلى الصدور والفعل. ولم يقل : إنهم لا عقول لهم ، أي أنهم لا يستعملون عقولهم.
بل إن الإبتلاء بواحدة من العاهات الأخلاقية قد يؤدي بالإنسان إلى إخراجه عن مقتضيات الفطرة وأحكام العقل ، ثم إلى الإمعان في الإبتعاد والإنحراف عنها ، حيث قد يستمر به هذا الإنحراف إلى ان يورده المهالك ، وينتهي به إلى أن يصبح فرعونيا أو إبليسيا في فكره ، ونظرته ، وفي فهمه للقضايا ، وفي سلوكياته ومواقفه ..
وهذا ما يجعلنا نفهم بعمق سر اهتمام القرآن بالآداب والأخلاق المستندة إلى المفاهيم الحقة ، وإلى القيم والمثل العليا ..
وخلاصة القول : إن الإلتزام بالأدب إنما يكون انطلاقا من مثل وقيم تفرضها وتقتضيها ، وهذا الإلتزام يحتاج إلى الوقوف على حقائق تلك القيم ودقائقها ومعرفة حدودها وقيودها. وهو إنما يكون بتحريك العقل وإعطائه