وبذلك فإنّها تمدّ الفضاءات العلميّة والمعرفيّة والثقافيّة بنتاجات منظّفة ومجمّلة ومنقّحة ومحمية حماية علميّة وفنّيّة ، إنّها عملية أشبه بإعادة انتشار متأقلمة مع حاجة الزمان والمكان ، ولا شكّ أنّها فرصة جديدة تمنح المشروع إمكانيّة الظهور والتداول بسرعة وسهولة كبيرتين.
كما أنّ الكيانات التحقيقيّة تصير بحكم دورها وحاجتها المحور المستقطب لذوي الفضل والخبرة والتخصّص ، وملاذ الطاقات الجديدة الفنّيّة والاستعدادات اليافعة التي تنمو وتصقل مواهبها بفعل الفضاء المهيمن والجوّ السائد المفعم بالاستشارة والمتابعة والبحث والمناقشة.
وهذه هي ميزة كلّ كيان تحقيقي يأخذ على عاتقه نهج العمل الجماعي ، غير متناسين بالمرّة أريج المعنويّات الذي يعطّر الأثير فيغدق بتلك النسمات التي قلّما تهبّ على معاقل اُخر ; إذ الشعور ـ الذي لا ينفكّ عن الإنسان ـ بالمساهمة في نشر القيم والمبادئ ـ التي نعتقدها صحيحة سليمة ـ الرامية إلى انتشال البشريّة من حضيض البهيميّة إلى شوامخ العزّ والسعادة السرمديّة ; هو شعورٌ يخالط العقل وينبعث من عمق الحنايا والأعماق.
ولستُ مصرّاً على تركيز البحث حول عمل التحقيق باُسلوبه الجماعي ، فالتحقيق الفردي كان ولا زال فاعلاً في ميادين العلم والثقافة ، وله من الخصائص والمزايا ما قد يفتقدها التحقيق الجماعي ، مثل : الجري على النسق الواحد علميّاً وفنّيّاً وارتفاع التزاحم الذي يحتمل حدوثه في الجماعي وغيرها ..