الحاضر ـ بمستحدثاته ومستجدّاته ، وبما يحمل من تساؤلات وشبهات مصدرها التآمر الفكري الثقافي الذي يتّسع يوماً بعد آخر ضدّ الدين الإسلامي وقيمه الرفيعة ، إلى سائر العوامل والأسباب ـ يُبرز الحاجة الملحّة لردم الهوّة الفاصلة بينه وبين التراث ، وتؤيَّد دعوانا هذه بأنّ التغاير المكاني والزماني لهما أقوى الأثر في توسيع الثغرة بينهما .. لذا لابدّ من مسايرة أحدهما للآخر من أجل عكس الصورة الكاملة والمتينة عن الثقافة الإسلامية ، الأمر الذي يشكّل بطبيعته الخطوة الأساس نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف الأصعدة ، ولاسيّما الصعيد الفكري منها.
ولكون إحياء التراث هو مدار البحث ، ارتأينا تسليط الضوء على بعض زواياه تاركين الخوض في باب التصنيف لفرص اُخرى.
ولنا الجرأة بأن ندّعي بالدليل القاطع : أنّ الاُمة الإسلامية تمتلك تراثاً هائلاً من الآثار النفيسة التي حُرّرت في مختلف ألوان العلم والمعرفة ، كالفقه والاُصول والأدب والكلام والطبّ والهندسة والفلك والرياضيات ، حتى عاد المخزون الثقافي لها من أهم ما اعتمدته النهضات المختلفة في برامج عملها ، بل إنّ الاُمّة الإسلاميه بذاتها لمّا كانت رائدة العلم والتطوّر ، كان الفضل الأوّل والأخير في ذلك يعود إلى اعتمادها الإسلام كفكر وممارسة ; ولخصوصية تكيّفه مع مختلف الأعصار والأصقاع فإنّه يجدر بنا أن نستلهم ونستنبط من كنوزه نظاماً أرقى وواقعاً أعزّ وأرفع.