لكنّه مشحون بتحقيقات اُصوليّة يحكيها عنه المتأخّرون ، مثل الشيخ الأعظم الأنصاري. وذكر المحقّق التستري : أنّ الوحيد البهبهاني قد يعبّر عن الخوانساري باُستاذ الكلّ في الكلّ (١).
ثم في أواخر القرن الثاني عشر وجد المسلك الأخباري نفسه وجهاً لوجه أمام بطل الاجتهاد العملاق وفذّه المقدام ، طود العلم الشامخ ، الاُستاذ الأكبر ، وحيد الدهر وفريد العصر ، مولانا العلاّمة محمّد باقر البهبهاني (١٢٠٦ هـ. ق) الذي كرّس غاية جهوده لأجل عزل هذا المسلك وإضماره ، فكان أن نال من التوفيق ذروته ، ومن النصر أعزّه وأبهاه.
وقد وصفه المحقّق التستري بقوله : شيخنا العظيم الشأن ، الساطع البرهان ، كشّاف قواعد الإسلام ، حلاّل معاقد الأحكام ، مهذّب قوانين الشريعة ببدائع أفكاره الباهرة ، مقرّب أفانين الملّة المنيعة بفرائد أنظاره الزاهرة ، مبيّن طوائف العلوم الدينيّة بعوالي تحقيقاته الرائقة ، مزيّن صحائف الرسوم الشرعيّة بلآلئ تدقيقاته الفائقة ، فريد الخلائق ، واحد الآفاق في محاسن الفضائل ومكارم الأخلاق ، مبيد شبهات اُولي الزيغ واللجاج والشقاق على الإطلاق بمقاليد تبيانه الفاتحة للأغلاق الخالية عن الإغلاق ، الفائز بالسباق الفائت عن اللحاق ... (٢).
وهو ـ رحمه الله ـ كان جامعاً للعلوم الإسلاميّة ، فكان متضلّعاً بعلم الحديث بشعبه ، والقواعد الاُصولية الرصينة ، خبيراً جدّاً بالمباني الفقهيّة ،
__________________
١. اُنظر مقابس الأنوار : ١٧.
٢. مقابس الأنوار : ١٨.