استنباط المسائل الشرعيّة النظرية (١).
ونقل عنهم الوحيد بقوله : وشبهتهم الاُخرى هي : أنّ رواة الحديث منّا والتالين لهم لم يكونوا عالمين به قطعاً ، مع علمهم بهذه الأحاديث الموجودة ، ولم ينقل عن أحد من الأئمّة (عليهم السلام) إنكارهم ، بل المعلوم تقريرهم لهم ، وكان هذا الحال مستمرّاً إلى عصر ابن أبي عقيل وابن الجنيد رحمهما الله ثم حدث هذا العلم بين الشيعة ، فلا حاجة إليه.
وأجاب عنه المجتهدون بـ : أنّ كثيراً من المسائل الاُصوليّة كانت موجودة لدى فقهاء أصحاب الأئمّة منذ أيّام الصادقَين (عليهما السلام) ، ووردت فيها روايات عنهم (عليهم السلام) من قبيل : حجّية الخبر ، وحجّية ظواهر الكتاب ، وأصالة البراءة ، والبحث عن القياس ، وعلاج التعارض.
ونرى في كلام الفضل بن شاذان (٢) صورة جليّة عن التفكير الاُصولي ، أشار فيه إلى مسألة اجتماع الأمر والنهي وقال بجوازه ، وإلى الفرق بين النهي المولوي والإرشادي ، وأنّ الثاني يقتضي الفساد في المعاملات دون الأوّل.
مضافاً إلى أنّ استغناء أصحابهم (عليهم السلام) عن الاُصول ـ لمعاصرتهم إيّاهم (عليهم السلام) ـ لا يدلّ على استغناء الفقهاء البعيدين عن عصرهم (عليهم السلام) وقد خفي عليهم أكثر القرائن والملابسات التي كانت تكتنف بالنصوص ممّا يؤدّي إلى وضوح معناها.
__________________
١. هداية الأبرار : ٢٣٤.
٢. المحكي في الكافي ٦ : ٩٢ ـ ٩٣.