أمّا نحن ـ إلاّ القلّة النادرة ـ فلم نفهم من العشق شيئاً ، ولم نفهم من محمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله) إلاّ قشور قيَمه وأفكاره النبيلة ، ضربنا على عقولنا وقلوبنا حجاباً من الجهل والجفاء لئلاّ نخوض غمار مبادئه وأهدافه (صلى الله عليه وآله) خوضاً مخلصاً حقيقيّاً جادّاً فنبتلي ونتورّط بالتزامات ومواثيق وعهود وأمانات ترفضها شهواتنا وملذّاتنا ومنافعنا ، فصرنا نهوى السطوح ، نخاف العمق واللبّ ، نخشى الحقيقة بل لا نريدها ، فاكتفينا بالطلاء والقشر والظاهر ; إذ فيه مآربنا وترافتنا.
مثالٌ : الحجاب شعارٌ ورمزٌ من رموزنا لا يمكن التخلّي عنه بأيّ حال من الأحوال ، بل واجب شرعي ديني بإجماعنا ، لكنّ الوقفة المتأمّلة يكتنفها استفهامٌ مثير مفاده : إن توفّر الحجاب وفُقدت القيم والمبادئ أو باتت متزلزلة هشّة ... ما العمل؟
العمامةُ ميراثٌ قدسي فرض مكانته وشعاريّته عندنا بكلّ إجلال واحترام ; لما تمثّله من قيم وانتماء والتزام ، لكنّ الوقفة المتأمّلة يكتنفها استفهامٌ مثير : ماذا لو لم يبق من العمامة إلاّ قطعة القماش البيضاء أو السوداء الملفوفة والموضوعة على الرأس بكلّ دقّة وجمال ورشاقة ، وما عاد العلم أو التقوى أو كلاهما قرب صاحبها إلاّ همّاً وعبئاً ثقيلا ... ما العمل؟
الثراء أم الإيمان لو تزاحما أو تعارضا؟ نأخذ بالمؤمن المتّقي العدل أم بذي الثراء المهتزّ إيمانه وتقواه وعدله؟ بذي العفاف والكرامة من الاُسر المغمورة؟ أم بمخالفهما من ذوي الاُسر المرموقة؟