أهل عمله لأبي عبد الله عليهالسلام : ان في ديوان النجاشي علىّ خراجا ، وهو ممن يدين بطاعتك ، فإن رأيت ان تكتب لي إليه كتابا؟ فكتب إليه أبو عبد الله عليهالسلام :
«بسم الله الرحمن الرحيم ، سر اخاك يسرك الله تعالى».
قال : فلما ورد عليه الكتاب وهو في مجلسه فلما خلا ، ناوله الكتاب ، فقال :
هذا كتاب ابى عبد الله عليهالسلام؟ فقبله ووضعه على عينيه ، قال : ما حاجتك؟ فقال ، على خراج في ديوانك. قال له : كم هو؟ قال : عشرة آلاف درهم. قال ، فدعى كاتبه فأمره بأدائها عنه ، ثم اخرج مثله فأمره أن يثبتها له لقابل. ثم قال له : هل سررتك؟ قال : نعم. قال : فأمر له بعشرة آلاف درهم اخرى ، فقال له ، هل سررتك؟ فقال : نعم جعلت فداك فأمر له بمركب ثم أمر له بجارية وغلام وتخت ثياب ، في كل ذلك يقول : هل سررتك؟ فكلما قال : نعم ، زاده ، حتى فرغ. قال له : احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه ، حين دفعت الى كتاب مولاي ، وارفع الى جميع حوائجك ، قال ففعل وخرج الرجل ، فصار الى ابى عبد الله عليهالسلام بعد ذلك فحدثه بالحديث ، على وجهه ، فجعل يستبشر بما فعل. فقال له الرجل : يا ابن رسول الله ، كأنه قد سرك ما فعل بي؟ قال : اى والله ، لقد سر الله تعالى ورسوله (١).
أقول : لا يخفى ما في هذه الاخبار ، باعتبار ضم بعضها الى بعض ، من التدافع والتمانع.
ومجمل القول فيها : انه لا شك أنه قد علم من الاخبار المتقدمة حرمة الدخول في أعمالهم على أوكد وجه ، بل مجرد محبتهم والركون إليهم وحب بقائهم ، فضلا عن مساعدتهم وإعانتهم بالأعمال ، الا ان الاخبار الدالة على الجواز ظاهرة فيه بالقيود المذكورة فيها ، لكنها ظاهرة الاختلاف ، فان منها ما يدل على انه بالإتيان بتلك الشروط انما تحصل له بها الكفارة ، بأن تكون هذه الشروط كفارة لدخوله في العمل ،
__________________
(١) الوسائل ج ١٢ ص ١٤٢ حديث : ١٣.