ذلك التوكل عليه سبحانه في جميع الأمور ، والقيام بأوامره ونواهيه في الورود والصدور كما تقدم في كلام شيخنا المذكور.
الثاني : التفصيل في ذلك ويتوقف على بيان كلام في المقام :
وهو انه ينبغي ان يعلم أولا : ان العلم منه ما هو واجب وما هو مستحب ، والأول منه ما هو واجب عينا ومنه ما هو واجب كفاية. فأما الواجب عينا فهو العلم بالله سبحانه وصفاته وما يجوز عليه ويمتنع ، حسبما ورد في الكتاب العزيز والسنة النبوية على الصادع بها وآله أشرف صلاة وتحية ، وما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله من أحوال المبدء والمعاد مما علم تواتره من دينه صلىاللهعليهوآلهوسلم ولو تقليدا تسكن اليه النفس ويطمئن به القلب وما يحصل به الإذعان والتصديق ، وفاقا لجمع من متأخري أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ وما زاد على ذلك من الأدلة التي قررها المتكلمون والخوض في دقائق علم الكلام فهو فرض كفاية على المشهور صيانة للدين عن شبه المعاندين والملحدين.
ومن الواجب العيني أيضا تحصيل العلم بواجبات الصلاة حيث يكلف بها ولو تقليدا وواجبات الصيام كذلك ، والزكاة ممن يخاطب بها ، والحج كذلك ايضا وهكذا من كل ما يجب على المكلف بوجود أسبابه ، وما زاد من تحصيل العلوم في هذه الحال على ما ذكرناه فهو مستحب.
ومن الواجب العيني أيضا ما يحصل به تطهر القلب من الملكات الردية المهلكة ، كالرياء والحسد والعجب والكبر ونحوها كما حقق في محل مفرد ، وهو من أجل العلوم قدرا وأعلاها ذكرا بل هو الأصل الأصيل للعلوم الرسمية ، وان كان الان قد اندرست معالمه بالكلية وانطمست مراسمه العلية ، فلا يرى له اثر ولا يسمع له خبر.
واما الواجب كفاية فهو ما فوق هذه المرتبة فيما تقدم ذكره حتى يبلغ درجة العلم بالأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية ، وهو المعبر عنه في ألسنة الفقهاء بالاجتهاد.
هذا إذا لم يوجد من يتصف به ويقوم به في ذلك القطر ، والا كان ذلك مستحبا