بعضه تجربة وبعضه علاج. قال : فما تقول في الملكين هاروت وماروت ، وما يقول الناس بأنهما يعلمان الناس السحر؟ فقال : انهما موضع ابتلاء وموقف فتنة ، تسبيحهما اليوم «لو فعل الإنسان كذا وكذا لكان كذا ، ولو يعالج بكذا أو كذا صار كذا ـ أصناف السحر» فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما ، فيقولان لهم : انما نحن فتنة فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم ، الى ان قال عليهالسلام : وان من أكبر السحر النميمة ، يفرق بها بين المتحابين ، ويجلب العداوة بين المتصافين ، ويسفك بها الدماء وتهدم بها الدور ، ويكشف بها الستور ، والنمام أشد من وطأ على ارض بقدم ، وأقرب أقاويل السحر من الصواب : انه بمنزلة الطب ، ان الساحر عالج الرجل فامتنع من مجامعة النساء ، فجاء الطبيب فعالجه فأبرأه (١).
أقول : ومن الاخبار الواردة في المقام ، ما رواه في الكافي عن على بن إبراهيم عن أبيه عن شيخ من أصحابنا الكوفيين ، قال : دخل عيسى بن سيفي (٢) على ابى عبد الله عليهالسلام ، وكان ساحرا يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الأجر ، فقال له : جعلت فداك : انا رجل كانت صناعتي السحر ، وكنت آخذ عليها الأجر ، وكان معاشي منه ، وقد حججت منه ومن الله على بلقائك ، وقد تبت الى الله عزوجل ، فهل لي في شيء من ذلك مخرج؟ قال : فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : حل ولا تعقد (٣). ورواه الصدوق بإسناد عن عيسى المذكور نحوه.
ورواه الحميري في قرب الاسناد ـ بإسناده ـ عن عيسى بن سيفي مثله.
قال في الوسائل بعد نقل الخبر المذكور : أقول : خصه بعض علمائنا بالحل
__________________
(١) الاحتجاج ، ج ٢ ص ٨٢.
(٢) اختلف نسخ الكافي والتهذيب والفقيه وقرب الاسناد وغيرها في هذا اللفظ ، ففي بعضها : «شقفي». وفي بعضها : «سقفى». وفي بعضها : «سعفى». وفي بعضها : «سيفي». والأخير هو الصحيح. نظرا الى نسخة أصل التفسير ورواية جامع الرواية ومن ثم أثبتناه.
(٣) الكافي ج ٥ ص ١١٥ حديث : ٧.