ونهاهم ان يسحروا به الناس ، وهذا كما يدل على السم ما هو وما يدفع به غائلة السم ، الى ان قال : وما يعلمان من أحد ذلك السحر وإبطاله حتى يقولا للمتعلم : انما نحن فتنة وامتحان للعباد ليطيعوا الله فيما يتعلمون من هذا ويبطلون به كيد السحرة ولا يسحروهم ، فلا تكفر باستعمال هذا السحر وطلب الإضرار به ، ودعاء الناس الى ان يعتقدوا انك به تحيي وتميت وتفعل مالا يقدر عليه الا الله عزوجل ، فان ذلك كفر. الى ان قال «وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ» ، لأنهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به ويضروا به ، فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم ولا ينفعهم فيه. الحديث. (١).
قال في الوسائل ـ بناء على ما قدمنا نقله عنه ، بعد ذكر هذا الخبر في جملة الأخبار التي نقلها ـ : لا يخفى انه يحتمل كون ما مر من جواز الحل بالسحر مخصوصا بتلك الشريعة المنسوخة. انتهى.
وفيه : ان الظاهر من نقل الأئمة ـ عليهمالسلام ـ حكايات الأحكام الشرعية ، عن الأمم المتقدمة ، انما هو لأجل الاستدلال بها على ثبوت تلك الأحكام في هذه الشريعة أيضا ، كما يظهر من كثير من الاخبار التي اشتملت على ذلك ، والا فمجرد حكايتها من غير غرض شرعي يترتب عليها ، يكون من قبيل اللغو العاري عن الفائدة ، إذ كل أحد يعلم ان تلك الشرائع صارت منسوخة بهذه الشريعة ، فلا معنى لنقل أحكامها إذا لم يكن المراد منها ما ذكرنا.
ويؤيد ما ذكرناه الرواية المرسلة المتقدم نقلها عن العلل ، مضافا الى ذلك رواية عيسى المتقدمة.
* * *
ومنها : ما رواه في العيون ايضا بسنده عن على بن الجهم عن الرضا عليهالسلام في حديث قال : واما هاروت وماروت فكانا ملكين علما الناس السحر ليحترزوا به من سحر السحرة ويبطلوا به كيدهم ، وما علما أحدا من ذلك شيئا حتى قالا : انما نحن فتنة فلا تكفر ، فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز منه ، وجعلوا يفرقون بما
__________________
(١) الوسائل ج ١٢ ص ١٠٦ ـ ١٠٧ حديث : ٤.