وما هو؟ قلت : بلغني ان الحسن كان يقول : لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفي. ولو تفرثت كبده عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماء!
وهو عملي وتجارتي ، وفيه نبت لحمي ودمي ، ومنه حجى وعمرتي! فجلس عليهالسلام ثم قال : كذب الحسن ، خذ سواء وأعط سواء. فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك ، وانهض الى الصلاة ، اما علمت ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة (١)؟.
ومن هذين الخبرين يعلم ما ذكرناه من جواز التصريف على كراهية.
واما قوله ـ في آخر الخبر الثاني ـ : اما علمت ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة ، ففيه بحث قد استوفينا الكلام فيه في كتابنا الدرر النجفية.
ويمكن ان يقال : ان الجواز على كراهة ، مخصوص بمن لم يكن يتمكن من التحرز من الوقوع في تلك الأشياء ، للنهي عنها ، وعليه يحمل الخبر الأول. واما من تمكن من ذلك فلا يكره في حقه ، وعليه يحمل الخبر الثاني.
ويؤيده ان إسحاق المذكور في الخبر الأول من أعاظم الصيارفة ، وهو بالمحل الأدنى (٢) عندهم ، وهو إسحاق بن عمار بن حيان التغلبي ، المذكور في كتاب النجاشي ، من بيت كبير من الشيعة.
ويؤيد ما قلناه ـ ايضا ـ انه قد تقدم في الخبر الأول النهي عن كونه نخاسا ، مع انه قد روى في الموثق عن ابن فضال ، قال : سمعت رجلا يسأل أبا الحسن الرضا عليهالسلام فقال : إني أعالج الرقيق فأبيعه ، والناس يقولون : لا ينبغي. فقال له الرضا عليهالسلام : وما بأسه؟ كل شيء مما يباع إذا اتقى الله فيه العبد فلا بأس به (٣).
__________________
(١) الوسائل ج ١٢ ص ٩٩ ـ ١٠٠ حديث : ١ باب : ٢٢.
(٢) من الدنو وهو القرب. اى كان من التقرب الى الأئمة ـ عليهمالسلام ـ في المنزلة القربى.
(٣) الوسائل ج ١٢ ص ٩٦ حديث : ٥.