سألته عن الرجل منا يشترى من السلطان من إبل الصدقة وغنمها وهو يعلم انهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم. قال : فقال : ما الإبل والغنم الا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به ، حتى تعرف الحرام بعينه. قيل له : فما ترى في مصدق يجيئنا فيأخذ منا صدقات أغنامنا ، فنقول : بعناها فيبيعناها ، فما ترى في شرائها منه؟ فقال : ان كان قد أخذها أو عزلها فلا بأس. فقيل له : فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم فيقسم لنا حظنا ويأخذ حظه فيعزله بكيل ، فما ترى في شراء ذلك الطعام منه؟ فقال : ان كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه من غير كيل (١).
واعترض المحقق الأردبيلي على هذه الرواية ، بأنه لا دلالة فيها على إباحة المقاسمة بوجه من الوجوه ، ولكن لها دلالة على جواز شراء الزكاة ، ولهذا جعلها في المنتهى دليلا عليه فقط ، وفي الدلالة ـ أيضا ـ تأمل ، إذ لا دلالة في قوله «لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه» الا انه يجوز شراؤ ما كان حلالا بل مشتبها ايضا ، ولا يجوز شراؤ ما هو معروف انه حرام ، ولا يدل على جوار شراء الزكاة بعينها صريحا.
نعم ظاهرها ذلك ، ولكن لا ينبغي الحمل عليه ، لمنافاته العقل والنقل. ويحتمل ان يكون سبب الإجمال التقية. ويؤيد عدم الحمل على الظاهر : انه غير مراد بالاتفاق ، إذ ليس بحلال ما أخذه الجائر فتأمل. انتهى.
وأجاب عن ذلك في الكفاية ، فقال ـ بعد نقل هذا الكلام ـ : وفيه نظر ، لأن السؤال وقع عن أصل الصدقة ، والجواب : انه لا بأس به ، لانه يحتمل ان يكون مفروضا في غيره ، لكن لما فرض السائل انه يعلم انهم يأخذون أكثر من الحق ، فقد فرض وقوع الحرام في الصدقات التي في أيديهم ، فوقع الحاجة الى الاستثناء الذي فعله عليهالسلام ، وكان غرض السائل كان متعلقا باستعلام الحكم باعتبار الاختلاط المذكور ،
__________________
(١) الوسائل ج ١٢ ص ١٦٢ حديث : ٥.