وظاهر كلام جملة من الأصحاب ، ومنهم ابن إدريس ، ان جواز التصرف بالبيع ونحوه انما هو فيما يملكه البائع من الآثار التي في تلك الأرض.
قال ابن إدريس ـ بعد نقله القول بالمنع من التصرف ، ما صورته ـ : ان قيل : نراكم تبيعون وتشترون وتقفون ارض العراق وقد أخذت عنوة! قلنا : انا نبيع ونقف تصرفنا فيها وتحجيرنا وبنياننا ، فاما نفس الأرض فلا يجوز ذلك فيها.
وبذلك ايضا صرح في المسالك ، فقال ـ بعد قول المصنف «ولا يصح بيعها ولا وقفها» ـ : انه لا يصح شيء من ذلك في رقبتها مستقلة ، اما فعل ذلك لها تبعا لآثار التصرف ، من بناء وغرس وزرع ونحوها ، فجائز على الأقوى. فإذا باعها بايع مع شيء من هذه الآثار دخلت في البيع على سبيل التبع ، وكذا الوقف وغيره ، ويستمر ذلك ما دام شيء من الآثار باقيا ، فإذا ذهبت اجمع انقطع حق المشترى والموقوف عليه وغيرهما عنها. هكذا ذكره جمع من المتأخرين وعليه العمل. انتهى.
أقول : وتحقيق الكلام في المقام ان يقال : لا ريب ان هذه البلاد المفتوحة عنوة ، منها ما هو عامر وقت الفتح ، ومنها ما هو بائر. والأشهر الأظهر ان الحكم مخصوص بالعامر ، دون القسم الأخر فإنه للإمام ، نظرا الى عموم الأخبار الدالة على اختصاص موات الأرضين به ـ عليهالسلام ـ وانها من جملة الأنفال كما تقدم تحقيقه في كتاب الخمس.
* * *
بقي الكلام في أنها وقت الفتح كانت تلك الاملاك ، من دور ونخيل وبساتين ، في أيدي ملاك لها يومئذ؟.
وظاهر الاخبار وكلام الأصحاب الدال على ان ما كان عامرا وقت الفتح فهو للمسلمين كافة ، شامل للأرض وما فيها من تلك الآثار يومئذ ، وان مرجع ذلك الى الامام ـ عليهالسلام ـ يقبله ويصرف حاصله في مصالح المسلمين. وحينئذ فليس لأولئك الملاك قبل الفتح التصرف إلا بإذن الإمام عليهالسلام والاستيجار منه عليهالسلام