يستر عورته ، لا على جهة القرض. عن عطاء بن ابى رباح وقتادة وجماعة ، ولم يوجبوا اجرة المثل ، لأنها ربما كانت أكثر من قدر الحاجة. والظاهر من روايات أصحابنا : ان له اجرة المثل ، سواء كان قدر كفايته أو لم يكن. انتهى (١).
أقول : وبالله سبحانه التوفيق ، المستفاد من هذه الاخبار المذكورة ـ بعد ضم بعضها الى بعض ، عدا الرواية الأخيرة من روايات العياشي ـ : أنه يشترط في صحة أكل الولي من مال اليتيم شروط :
(أحدها) : فقره ، فمتى كان غنيا فليس له ان يأكل منه شيئا.
وعلى ذلك دل ظاهر الكتاب بحمل الأمر بالاستعفاف ـ في الآية ـ على الوجوب. فاما الحمل على الاستحباب ـ كما تقدم نقله عن المسالك ، وظاهره الميل اليه ـ فلا اعرف له وجها ، الا مجرد الاجتهاد في مقابلة النصوص ، لأن الأصل تحريم أكل مال الغير ، خرج منه في هذا الموضع بالآية والروايات المرخصة للولي إذا كان فقيرا ، مع اتفاقهم على ان أوامر القرآن للوجوب ، الا ما خرج بدليل ، والحال انه لا معارض هنا ، بل المؤيد المؤكد موجود من الاخبار ، والآية الدالة على اشتراط الفقر.
و (ثانيها) : اشتغاله بإصلاح أموالهم بحيث يمنعه ذلك عن الاشتغال لأمر نفسه فلو لم يكن قائما بها أو كان كذلك ، ولكن لا يشغله عن تحصيل المعاش لنفسه وعياله ، فإنه لا يجوز له ان يأكل منه شيئا.
وبهذا الشرط صرحت الروايات المتقدمة عن تفسير العياشي ، وبه وبالذي قبله صرحت موثقة سماعة المنقولة من الكافي في صدر الاخبار.
و (ثالثها) : سعة مال اليتيم ، فلو كان قليلا لم يجز له الأكل منه ، والآية الشريفة وان كانت بالنسبة الى هذا الشرط مطلقة ، الا ان الاخبار قد صرحت به كرواية أبي الصباح ، ورواية أبي سلمة المنقولة من تفسير العياشي.
__________________
(١) مجمع البيان ج ٣ ص ٩ ـ ١٠.