الحكم هو الإباحة أو الملك متزلزلا ، تحكم محض. ولم نظفر لهم بدليل الا ما عرفت من التعليلات المبنية على التراضي ، مع انها جارية في صورة اختلال غيرها من الشروط ، لجواز تراضيهما على بيع المجهول والربوي ونحوهما مما منع الشارع منه ، مع انهم لا يقولون به ، والكلام في الصيغة الخاصة ـ بناء على دعواهم وجوبها وانه لا يلزم البيع الا بها ـ كذلك ، وبذلك يظهر لك ما في قوله في المسالك في تعليل الاحتمال الأول من انه مبنى على ان المقصود للمتعاقدين انما هو الملك ، فإذا لم يحصل كانت فاسدة ، فإن فيه : انهم قد أوجبوا في حصول القصد المذكور دلالة لفظ صريح عليه ، وخصوه بالصيغة الخاصة ولم تحصل ، والى ذلك يشير قوله في الاحتجاج للاحتمال الثاني : ان الناقل للملك لا بد ان يكون من الأقوال الصريحة ، فاللازم حينئذ هو فساد المعاطاة كما ذكرنا ، لانتفاء الدال على ذلك المقصود ، وكذا في قوله ـ في تعليل الاحتمال الثاني ـ من انه انما حصل باستلزام إعطاء كل واحد منهما للآخر سلعته ، فان فيه : ان هذا لو صلح وجها لما ذكروه من الإباحة لا طرد في صورة الإخلال بغير هذا الشرط من شروط صحة البيع ولزومه ، مع انهم لا يلتزمونه ، وتخصيصه بهذا الموضع تحكم كما عرفت.
وقال المحقق الشيخ على في شرح القواعد ـ بعد قول المصنف «ولا تكفي المعاطاة» ـ ما ملخصه : وظاهره انها لا تكفي في المقصود بالبيع ، وهو نقل الملك ، وليس كذلك ، فان المعروف بين الأصحاب انها بيع وان لم تكن كالعقد في اللزوم ، خلافا لظاهر عبارة المفيد ، وقوله تعالى «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (١) يتناولها ، لأنها بيع بالاتفاق حتى من القائلين بفسادها ، لأنهم يقولون هي بيع فاسد ، وقوله «إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» (٢) فإنه عام الا فيما أخرجه الدليل ، وما يوجد في عبارة جمع من متأخري الأصحاب ، انها تفيد الإباحة وتلزم بذهاب احدى العينين ، يرون به عدم
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٧٥.
(٢) سورة النساء : ٢٩.