اللزوم في أول الأمر ، وبالذهاب يتحقق اللزوم ، لامتناع إرادة الإباحة المجردة عن أصل الملك ، إذ المقصود للمتعاطيين انما هو الملك فإذا لم يحصل كانت فاسدة ولم يجز التصرف في العين ، وكافة الأصحاب على خلافه. انتهى.
أقول : ما ذكروه من ان المعاطاة بيع وانها تفيد الملك ، إذ مقصود المتعاطيين انما هو الملك ، وشمول الآيات الدالة على حل البيع وصحته لذلك ، جيد متين.
لكن يبقى الكلام في دعوى عدم اللزوم مع وجود العوضين ، فإنه يحتاج الى دليل ، إذ مقتضى ما ذكروه هو الصحة واللزوم وكونه بيعا حقيقيا ، ولا اعرف لهم دليلا على هذه الدعوى هنا ، الا الاستناد إلى الإخلال بالصيغة الخاصة ، بناء على ظاهر اتفاقهم على انها ركن من أركان البيع ، وقضية ذلك انما هو الفساد لا الصحة مع عدم اللزوم.
فان قيل : انهم يستندون الى وقوع المعاطاة في الصدر الأول مع الإخلال بالصيغة.
قلنا : فيه ـ أولا ـ انك قد عرفت ان هذه الصيغة الخاصة لم يقم عليها دليل.
وثانيا : ان المعاطاة في الصدر الأول انما كانوا يقصدون بها البيع الحقيقي كما عرفت من الاخبار المتقدمة ونحوها ، وتوقف ذلك على تلف احدى العوضين غير معلوم ولا مدلول عليه بدليل.
وأنت إذا ضممت ما دلت عليه الاخبار المتقدمة ، من صحة بيع المعاطاة وغيره من العقود بالألفاظ الدالة على مجرد التراضي ، مع الاخبار الدالة على الخيار بأنواعه ، والاخبار الدالة على النزاع بين المشترى والبائع ونحو ذلك ، مما يتفرع على البيع صحة وبطلانا ، ظهر لك ان ذلك كله مترتب على بيع المعاطاة كالبيع بالصيغة الخاصة عندهم.
وبالجملة فإني لا اعرف لما ذكروه هنا وجه استقامة ، واللازم اما كون المعاطاة بيعا حقيقيا ـ كما اخترناه ـ أو بيعا فاسدا ـ كما هو مقتضى قواعدهم.