لا اعتبار بذلك الإيجاب في نظر الشارع ، فهو بمنزلة العدم ، وهو ظاهر. لعدم الفرق بينه وبين غيره من الطفل ونحوه ، والفرق في كلامهم بأنه لا اعتبار به بخلاف المكره فإنه معتبر الا انه لا رضاء معه فإذا وجد الرضا صح لوجود شرطه ، بعيد جدا لما عرفت. وبالجملة لا إجماع فيه ولا نص ، والأصل الاستصحاب وعدم الأكل بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض مما يدل على عدم الانعقاد ، الا ان المشهور الصحة وما نعرف لهم دليلا ، وهم اعرف. ولعل لهم نصا ما نقل إلينا. انتهى. وهو جيد.
ويؤيده ـ بأظهر تأييد ـ ان الأحكام الشرعية مترتبة على النصوص الجلية وليس للعقول فيها مسرح بالكلية ، والأصل بقاء الملك في كل من العوضين لمالكه الأصلي حتى يقوم الدليل الشرعي على الانتقال. وهم قد سلموا بان عقد المكره حال الإكراه باطل اتفاقا ، فتصحيحه بالإجازة أخيرا يتوقف على نص واضح يدل على ذلك ، والتعلق في ذلك ، بعقد الفضولي مع قطع النظر عن كون ذلك قياسا لو ثبت صحة العقد الفضولي ، مردود بما سنوضحه إنشاء الله تعالى في تلك المسألة من بطلانه.
وقوله : فلا يقدح اختصاص العقد الفضولي بنص ، مردود بأن هذا النص انما هو من طريق العامة ، وهو حديث البارقي ، ونصوصنا ظاهرة بخلافه كما ستقف عليه إنشاء الله.
وقوله : ان عموم الأمر بالوفاء بالعقد يشمله ، إشارة إلى قوله عزوجل «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» مردود بالاتفاق على ان المراد بالعقود : العقود الصحيحة ، والا لتناول العقد حال الإكراه.
ودعوى كون هذا العقد صحيحا بعد الإجازة مع اتفاقهم على البطلان قبلها ، يتوقف على الدليل الواضح ، والا فهو محض المصادرة.
وقوله : ان مقارنة القصد للعقد لا دليل عليه ، مردود بأنه هو المستفاد من النصوص ، وغيره لا دليل عليه ، فان المستفاد من النصوص التي قدمناها في بيع المعاطاة ونحوها : أنه لا بد في صحة العقد من حصول الرضا بتلك الألفاظ الجارية