الجمعة من كتاب الصلاة بنحو ما ذكرناه هنا ، الا انه ربما تعسر على الناظر في هذه المسألة الرجوع الى ذلك الكتاب ، فلم نكتف بالحوالة على ذلك الموضع ، بل أوضحنا المسألة في المقام ، لدفع ثقل المراجعة على الناظر في هذا الكلام.
ثم انه ينبغي ان يعلم ان ما ذكرناه هنا ، وأطلنا به البحث ليس ذبا عن الحديث الذي استدل به الشيخ ، فإنه حديث عامي لا تنهض عندنا حجة ، وانما هو تحقيق في المسألة في حد ذاتها أولا. وثانيا انه على جهة المجاراة معهم في الاستدلال بالخبر المذكور ، فإنه لا وجه لرده من هذه الجهة التي ذكروها ، بل كان الاولى رده بما ذكرناه ، من انه حديث عامي لا ينهض حجة.
(الخامس) : ما أجابوا به عن النفي بأنه إذا دخل على حقيقة أريد به نفى صفة من صفاتها فمسلم ، إلا انا نقول : ان تلك الصفة هي الصحة لا اللزوم كما يقولونه ، وقولهم : والا لزم بطلان بيع الوكيل ، فيه : ان وجه الملازمة غير ظاهر ، ومع ذلك نقول : المراد بالمملوك : ما هو أعم من ان يكون مملوك العين أو التصرف ، كما تقدم ذكره ، وهو مستعمل في كلامهم كثيرا.
وبالجملة فإن ما ذهب اليه الشيخ ومن تبعه من البطلان هو الموافق لمقتضى الأصول الشرعية والعقلية ، وعليه تدل جملة من الأحاديث المعصومية ، التي هي المعتمد في كل حكم وقضية ، والعجب انهم مع قولهم بالبطلان استدلوا بتلك الرواية العامية في كتبهم الفروعية ، حتى من مثل المحقق الأردبيلي كما تقدم في كلامه ، ودعواه انها أقوى دلالة وسندا من رواية البارقي ، مع ان الجميع من طريق العامة ، وروايات أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ مكشوفة القناع ، صريحة الدلالة على هذه المقالة ، مع تعددها في كتب الاخبار ، فكيف غفلوا عنها ، مع عكوفهم على كتب الأخبار ، مطالعة وتدريسا ، وبذلك يظهر لك صحة المثل السائر «كم ترك الأول للآخر».
* * *