تقدير رضاه. فتأمل انتهى.
أقول : لا ريب انه لم يرد هنا دليل واضح في الدلالة على ما ذكره الأصحاب ، من عدم الجواز ، الا ان صحيحة الحلبي وابن مسكان المتقدمة : الواردة في الجوز مؤيدة لما ذكروه ، وان لم تكن الدلالة صريحة في ذلك ، فان الظاهر من السؤال : ان الحكم في بيع الجوز هو العد ، والسائل رتب سؤاله على ذلك ، فقال : انه إذا كان مما لا يجوز بيعه الا عدا ، والحال انه لا يستطيع عده لكثرته ، فلو كيل على هذا النحو ، فهل يجزي أم لا؟ والامام عليهالسلام قد قرره على ذلك ، والا لكان يجيبه بأنه لا يحتاج الى ذلك بل يبيعه مجازفة ، كما يدعيه المحقق المذكور. وقد تقرر ان تقريره عليهالسلام حجة كقوله وفعله.
وحينئذ فيكون الخبر ظاهرا في تأييد ما ذكره الأصحاب ، بل دالا عليه. وإذا ثبت هذا الحكم في الجوز يثبت في غيره مما يباع عددا ، ويتعدى الى ما سواه بتنقيح المناط القطعي ، كما في جل الأحكام ، إذ لا خصوصية لذكر الجوز هنا الا من حيث وقوع السؤال عنه.
واما استناده الى ما ذكره من عموم أدلة الوفاء بالعقود ، فقد عرفت ما فيه ، واما الأصل فإنه معارض بأن الأصل بقاء كل ملك لمالكه حتى يقوم دليل شرعي على انتقاله عنه الى غيره.
واما حصول التراضي الذي جعله العمدة ، ففيه ـ أولا ـ : انه لا يطرد كليا ، والا لجرى في الصرف والربا ونحوهما بمجرد التراضي ، وسقط ما اشترط فيهما من الشروط.
و ـ ثانيا ـ ان غاية ما يفيده التراضي مجرد الإباحة ، والمدعى هو البيع الناقل عن الملك والمخرج له عن صاحبه.
و ـ ثالثا ـ ما يتضمنه من الغرر المنهي عنه ، كما علله به بعض الأصحاب ، مع اعتضاد ذلك بالاحتياط كما اعترف به. وبالجملة فالأظهر ما ذكره الأصحاب.