فحلال تعلمه وتعليمه والعمل به لنفسه ولغيره ، وان كانت تلك الصناعة وتلك الآلة قد يستعان بها على وجوه الفساد ووجوه المعاصي ، وتكون معونة على الحق والباطل ، فلا بأس بصناعته وتعليمه ، نظير الكتابة التي هي على وجه من وجوه الفساد ، وتقوية ومعونة لولاة الجور ، وكذلك السكين والسيف والرمح والجوشن وغير ذلك من وجوه الإله التي تصرف الى وجوه الصلاح والفساد ، وتكون آلة ومعونة عليهما ، فلا بأس بتعلمه وتعليمه وأخذ الأجرة عليه والعمل به وفيه ، لمن كان له فيه جهات الصلاح من جميع الخلائق ، ومحرم عليهم فيه تصريفه الى جهات الفساد والمضار ، فليس على العالم والمتعلم اثم ولا وزر ، لما فيه من الرجحان في منافع جهات صلاحهم وقوامهم وبقائهم ، وانما الإثم والوزر على المتصرف بها في وجوه الفساد والحرام.
وذلك انما حرم الله تعالى الصناعة التي هي حرام كلها التي يجيء منها الفساد محضا ، نظير البرابط والمزامير والشطرنج ، وكل ملهو به ، والصلبان والأصنام وما أشبه ذلك ، من صناعات الأشربة الحرام ، وما يكون منه وفيه الفساد محضا ، ولا يكون منه ولا فيه شيء من وجوه الصلاح ، فحرام تعليمه وتعلمه ، والعمل به وأخذ الأجرة عليه ، وجميع التقلب فيه ، من جميع وجوه الحركات ، الا ان تكون صناعة قد تصرف الى جهات المنافع ، وان كان قد يتصرف بها ويتناول بها وجه من وجوه المعاصي ، فلعلة ما فيه من الصلاح حل تعلمه والعمل به ، ويحرم على من صرفه الى غير وجه الحق والصلاح.
فهذا بيان وجه اكتساب معايش العباد وتعليمهم في وجوه اكتسابهم. الحديث (١).
ورواه المرتضى عليه الرحمة في رسالة «المحكم والمتشابه».
وانما نقلناه بطوله لجودة مدلوله ومحصوله ، ومنه يستنبط جملة من الأحكام التي وقع فيها الاشكال بين جملة من علمائنا الاعلام ، مثل الاستيجار على
__________________
(١) الوسائل ج ١٢ ص ٥٤. تحف العقول ص ٣٣١.